الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

لسان الضاد وانقطع الاتصال .. (قصة قصيرة)

- أظنُّ أن علاقتنا تطورت بما يكفي لنسميها "حُبا".. أليس كذلك يا "عبدو" ؟!
- حُب !! ، "الحب" هذا تجاوزناه منذ زمن بعيد ،
هل تذكرين عتابي لكِ حين مكثتِ يوميْن لم تراسليني؟!
هل تذكرين نظرات الغيرة حين رأيتك تجلسين مع صديقي
أحمد؟!، أم تذكرين تبريري لكل همز وغمز لأنثى سواك؟!!

ذلك هو الحب!
الحب ليس كلماتٍ رومانسية فقط ، الحب هو ذلك البريق
الذي يلمع في عينيْك حين نلتقي ،
هو هذه النبضات التي ترقصُ في قلبي حين تسمع صوتك أو حتى ترى رقمك على شاشة الهاتف!
لقد تجاوزنا تلك المرحلة منذ زمن ، ولا أرى إلا أن بوصلتنا تتجه إلى المرحلة الموالية...
(برقت أسارير وجهها وخرجت منها كلمات كأنما كسرت حاجز الحياء بعنف) :
- تعني أننام سَنَتــــ.......
- طبعاً وهل بقي أمامنا غير ذلك
(انفجر ضوءٌ لامعٌ في وجهها أحاله إلى فلقة قمر) وقالت :
- ومتى ستأتي إلى أهلي إذنْ !
- وما الداعي إلى أن آتيَ إلى أهلك ، هذه الأمور بدأناها وحدنا وعلينا أن ننهيها وحدنا!..
- لم أفهم !!!!!!
- أقصدُ أنه ليس بعد التمام إلا النقصان وما دام حبنا قد بلغ تمامه فلا أتوقع إلا أنه سيبدأ في العد التنازلي إلى أن ينتهي .. خصوصاً وأن عيون الخُطاب حولك كثيرة..
وأنا أخبرتني والدتي -حفظها الله- أنها ستأخذ لي إحدى الصغيرات من "الخيام"..
(فجأة انطفأ النور الذي كان في وجهها وأظلمت الدنيا في عينيها حتى ما تكاد ترى "عبدو" أمامها واختلطت مخارج الحروف وتحرك لسانها حركة بطيئة) :
- "عبدو" هل جُننت؟!.. ماذا تقول ؟!..
(ثم علا صوتها يعدما صفعتها موجة غضب) :
أنا الحمقاء .. أنا الخرقاء لأنني أمضيت وقتي معك .. أنا التي لا أستحق الحب ولا الحياة لأنني وثقت بكَ .. أنا التي........
آآآآآهٍ .. كيف سمحتُ لنفسي أن أعلق أملي على صبيّ مثلِك تختار له أمه زوجته كما كانت تختار له سراويله وقُمُصه من السوق !..
أنا تعيسة الحظ حين كنت أحدث صديقاتي عنك .. وأحدثهم أن يوم عيدي هو يوم يطرق فارس الأحلام باب دار أهلي ..
كنت أقول إنك أنت الفارس!
لكنها كذبة حمراء .. أنت لست فارسا ولا حتى راجلا ولا رجلا حتى!..
أنا فقط كنتُ في الأحلام ولم أر حقيقتك يوما واحدا في اليقظة.. تبّاً لك .. تبّاااااااا.. (وانفجرت بالبكاااء)
- (حاول "عبدو" تحريك شفتيه فلم يستطع.. وفجأة وجد نفسه يستيقظ على وقع كلامها الصادم كأنما كان في سبات عمييق وغفلة عن ما قالت! .. وجدها تواجهه بالحقيقة المرة أمامه .. ووجد قناعاته كلها تتزلزل تحت سيول دموعها الجارفة..)
قال في نفسه :
أنا حقا صبيّ .. وإلا كيف لم أفكر في مشاعر هذه المسكينة..
وكيف ظننت أن الحب هو فقط مرحلة "نُقصِّر" بها وقتنا..
(أمسك بطرف ملحفتها وجذبها حتى انتبهت) وقال :
"صفية" كنتُ فقط أمزح معك لأرى ردة فعلك .. هل تصدقين
أن تكون لي شريكة غيرك .. أنا لن أتزوج إلاك ولن تطيب حياتي بدونك..
(انقطع حبل إمداد دموعها من العين ، -وإن كان في القلب وجل- )
مضى على ذلك اللقاء سنتان عاش فيها "عبدو" و"صفية" حياة أفضل من حياتهما قبله كانت مشاعرهما تزداد يوما بعد يوم..
كان ينام كل ليلة على رسائلها وتستيقظ على رسائله..
كان واعدها أنه سيتقدم لها بعد ثلاث سنين من ذلك اللقاء - أيْ بعد تخرجه بسنة - ..
لكنْ! قبل أربعة أشهر من الموعد حدث ما لم يكن يتوقعه :
انقطعت أخبار "صفية" وجميع الطرق الموصلة إليها أغلقت ..
بعد شهر جاءه اتصال مفاجئ من رقم لا يعرفه .. رفع سماعة
الهاتف فإذا بصوت "صفية" تخالطه مؤثرات صوتية حزينة :
- "عبدو" اسمحلي .. والله ليس بقصدي .. لقد أرغمتني والدتي على ابن عمي وقاطعني أهلي كلهم حين أردت الامتناع.. لم أكن أستطيع إخبارك حينها .. أرجووووك
افهمني.. (وانقطع الاتصال)
اختلج في صدره أن يقول : (في النهاية كانت أمكِ أنتِ من
تختار لكِ الأزواج كما كانت تختار لك اللباس) .

(نُشرتْ في العدد "الخامس" 24 / إبريل / 2016)

ليست هناك تعليقات :