فرأيتُ أنْ أرقبه من مسافة لأرى ما يصنع، فانتبهتُ إلى أنه أخذ لثاما لأحد الرعاة في غفلة منه ووضعه في خنشة، وأخذ لثاما آخر فصنع مثل ذلك، حتى أتى على آحادٍ منها، ثم انسل فتبعتُه حتى رأيته دخل على خياط وباعه ذلك كله. قال فاطلعت على ما خفي عن غيري، وكان الفصل شتاء والرعاة يتخذون لُـثـُما من قماش سميك تحصنا دون البرد، فيرسل الخياط لصا فيجمع له ما غفل عنه أصحابه، ثم يشتري منه الذراع بربع الثمن أو ما تبع ذلك مما يُحتمَل من جِدّة اللثام ودروسه، ويغسل اللُّثُم ثم يعرض ما نفع منها للبيع، ويستعمل ما بقي في حاجات الخياطة من نسج وترقيع وغير ذلك.
ومثل هذا في اللطافة ما حصل لرجل من أهل عرفات، كان قد رأى ما شاع من سرقة الأحذية في المساجد، فعزم مرة على ترْكِ نعل واحدة عند باب المسجد والدخول بالنعل الأخرى ليرى ما يقع، فلما صلى قام إلى الباب فإذا بنعله سُرقتْ، فبحث في الأمر وعرف أن اللص إنما عمِل بمذهب اللصوص المحترفين في مثل تلك النازلة، لأن اللص من أولئك ربما سرق نعلا واحدة طمعا في أن يشتريها منه امرؤ ذو إعاقة! عشتم طويلا.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق