الثلاثاء، 28 يوليو 2015

محمد سالم ابن جد لكي نفهم الأدب (53)

لكي نفهم الأدب (53)
جاء التوجه الشعبي في شعر الموريتانيين ردا على جمود الشعر الفصيح ونمطيته التي بلغت التشوق إلى مواضع لا توجد بهذه الناحية ولا توجد بها مرادفات لها (كحزوى والدهناء والرقمتين) فردم الخندق الذي أقامه هؤلاء بين الشعر الفصيح وبين السواد الأعظم من
سكان البلاد.
يقوم التوجه الشعبي على تناول موضوع شعبي في الشعر الفصيح أو ذكر مفردات أو مصطلحات أو إيماءات شعبية في نص فصيح.
وإذا تتبعنا مشاهير منتجيه في سياقهم الزمني نجد أقدمهم باباه لحراكي القائل:
زنكت مُريِّم للرحيل ثيارها ** وبقيت تندب في الديار ديارها
بيضاء من آل المبارك بضة ** منعت لزير الغانيات مزارها
فاصبر قيين على البكا وعلى الأسى ** أموية قد يممت گنارها!
وهو القائل:
لقد شجيت نفسي وجد ادكارها ** عشية ولى بالفتاة حمارها
يباري بها رخو الجحافل آتنا ** سواء لديه قصدها وازورارها
إلى أن يقول:
فبصبصن بالأذناب وانشطن شوطة ** وهنكرن حتى خيف منها عثارها
فحال غبار الأتن بيني وبينها ** وبيني وبين النوم حال ادكارها.
فقد كان محبوب راحل على ثور أو حمار واقعية جديدة في مجتمع ألف أن تكون الظعائن على نجائب الإبل.
يلي باباه لكبيد ولد جبه الذي شهد هذا التوجه على لسانه استخدام المفردات والمصطلحات الشعبية كقوله:
إلى الله أشكو كنبتين كلاهما ** أشد من الأخرى وما عنهما لودا
إلى الله أشكو كل يوم وليلة ** من الكنبة البيضاء والكنبة السودا
وقوله:
ما قدح لبْن عليه الرغوَ جامدة ** أو نفگة بالضحى بالزبد مأدومه
عندي بأحسن من تكليم غانية ** زوج الأخيضر بنت الشيخ.. معلومه.

ثم استلم امحمد بن أحمد يوره لواء التوجه الشعبي فأوصله إلى مداه وصار له جمهور عريض وأولجه مجالات مختلفة كما في قوله:
أحبك حب العلك في المرصَ رابحا ** وحب ذوي البضلان ربح البدائل
.. إلى آخر الأبيات.
وقوله:
إذا جدت بالمطلوب من بعد منعه ** فرحنا وأظهرنا السرور وصرحنا
وإن تصرمينا فالصريمة راحة ** والله ما كنا ركوبا ولا طحنا.
من المضحك أن من المتفيهقين من يصف الخطاب الركيك المفكك بأنه "ازريگة ولد أحمد يوره" وكأنه لا يرى فرقا بين السهل الممتنع الذي جاء نتاج المهارة والاقتدار وبين كلام غير قابل للتصنيف جاء نتاج العجز والقصور!!


ليست هناك تعليقات :