بمناسبة اليوم العالمي، لا أجد حرجا في أن أرفع الظلم من ناحيتي عن شخصين، هما في نظري أكثر من تعرض للحيف من ذوي قُرباهم من الإعلاميين:
الأول ـ أستاذي ماموني ولد المختار، الذي وهب زهرة عمره، و نضارة شبابه للعمل الصحفي، فأبلى فيه بلاءه الحسن.. و في استدارة غبية من الجنرال الأرعن تم فصله تعسفيا من وكالة الأنباء الرسمية، التي عمل فيها زهاء ثلاثين عاما، لأن مواقفه اليسارية التي ترفض الاستبداد و القهر الطبقي لم ترُق لجنرال داروُ موستي.. و في هذه المحنة لم يجد ماموني كفا تربت على كتفه، سوى بيانات مجاملة، محتشمة، تدين أصحابها و تقيم عليهم الحجة في هوانهم و ذلهم.
٢- الثاني ـ هو الصحفي عبد الله ولد محمدي، الذي لا يذكره ذاكر في اليوم العالمي للصحافة، رغم أنه قدم للعمل الإعلامي في موريتانيا ما لم يقدمه غيره.. فإلى عهد قريب كنت احتفظ له بمقال كتبه 1984 في "الوطن العربي" أيام كانت مجلة العرب الأولى، عن "الثابت و المتحول في حكومة معاوية ولد سيد أحمد الطائع".. و أذكر أيام كان يرافق الصحفي الراحل علاء الدين محسن خلال زيارته لنواكشوط.. و فترته مراسلا للشرق الأوسط أيام كانت الصحيفة العربية التي لا تتثاءب، وهكذا حين أنشأ وليد الإبراهيمي شبكة تلفزيون الشرق الأوسط MBC فملأت الدنيا وشغلت الناس، كان ولد محمدي أول إعلامي موريتاني تطالعنا صورته عبر الأقمار الصناعية ممسكا الميكرفون، فحصل بتقريره عن "المجاعة في النيجر" على جائزة أحسن تقرير صحفي.. كما كانت تغطياته لبؤر التوتر في إفريقيا مثار الإعجاب في جرأتها و مهنيتها.. و لمن يشاء أن يطالع لذلك كتابه الأخير عن تجربته مراسل حرب.
وهكذا حين ظهرت قناة الجزيزة، لتكون منبر الرأي و الرأي الآخر، كان ولد محمدي أحد الفرسان الذين امتطوا صهوتها، فأبلى فيها البلاء الحسن.
محليا، كان ولد محمدي أحد مؤسسي صحيفة "البيان"، و صاحب أول موقع أكتروني موريتاني، كما كانت صحيفته "الأخبار" أفضل اليوميات في البلاد، إذاعته رائدة الإذاعات، و شركة إنتاجه وحدها أهل الثقة من بين كل شركات الإنتاج في موريتانيا، و لها فروعها في دكار و المغرب، وقد تعاملت معها سي ان ان في بث مباشر من مدينة طنجة المغربية لحلقة من برنامج لاري كينغ.. كما أنها شريك رئيسي في وكالة الأنباء الإفريقية APA، و هي بصدد شراء قناة تلفزيونية في السنغال.
و قد أشرف ولد محمدي على تكوين وتدريب شباب من خيرة إعلامي البلاد الواعدين.
اتذكر ولد محمدي اليوم، حين أرى من يغردون بتمجيد صحفيين و الإشادة بهم، لمجرد أن منهم خطيبا مفوها، أو كاتبا سيال القلم، أو محللا بارعا، ثم يغمط حقه، لمجرد أنه لا يندمج خطه مع جوق الببغاوات.
لا يدفعني لما كتبته عن الرجل ما يربطني به من أواصر، فعلاقتنا على المستوى الشخصي ليست حميمة البتة، و لو أنني نافقته، و أنا في وقت حاجتي إليه، لكان لي مكاني في صحراء ميديا، فكيف وقد أغناني الله عن ذلك.. غير أنني حريص على الإلتزام بقول الحق، رغم أنه لم يترك لي صاحبا.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق