الثلاثاء، 2 يوليو 2013

لسياسة الموريتانية .. فاصل ونعود!


السياسة الموريتانية .. فاصل ونعود!

الاثنين 28 كانون الأول (ديسمبر) 2009

رحم الله المختار ولد داداه، منشئ الدولة الموريتانية من الخيام وتحت الخيام، منشئ الدولة الموريتانية بنا وبنيانا، رحم الله أبا الدولة الموريتانية الذي ترك ورائه تركة بحجم دولة لأبناء منقلبين قاصرين، عاجزين عن تدبير شؤون بأنفسهم، إنه نكران الجميل السياسي وعقوق الأبناء المبتدئين المتهورين لوالدهم المتمرس والحكيم، من هنا بدأت رحلة الانقلابات الموريتانية، وكما تدين تدان ولو تجاوزت عشرين عاما في الحكم رغم كل التجاوزات.

في النظام الطائعي الذي تجاوز عشرين عاما استفحلت الطائعية، وقوت شوكتها واختلطت فيها المفاهيم والمصطلحات، فأصبح السياسي منافقا متمصلحا، والعسكر سياسيا متحزبا، والصحافي ببغاء لا رأي لها ولا موقف، والعدالة ظالمة وموالية، وتحولت الدولة إلى اقطاعات قبلية ومحسوبية، وأصبحت التعيينات السامية تعطى على سير ذاتية، حالتها المدنية القبلية والجهوية والموالاة، وشهاداتها أن لا يشهد لك أحد بالنزاهة والتدين والاستقامة، وخبراتها أن تكون من أكلة المشاريع الوطنية، وأن لا يكون لك ضمير تجاه المال العام، وإن أكلت إدارة واحدة عينت وزيرا، وإن أكلت وزارة عينت رئيسا للوزراء، وإن ظهرت موهبتك في الفساد وانتهاك الحقوق والثروات عينت سفيرا كالعادة لتأخذ التجربة مرة أخرى في العملات الأجنبية، ليصل إجرامك إلى الجاليات في الدول الأجنبية، عليك ان تكون ممتازا في التملق والنفاق والزلفى، ليس لك وازع من الدين والأخلاق، وأن لا يكون لديك مثقال ذرة من المواطنة، وكلما ازدادت خبراتك في ذلك ستضمن بقائك في الوظائف السامية وستكون رجل سلطة من الدرجة الأولى .

بعد استفحال شوكة الطائعيين لم يكن أمامها إلا أن تنهار تطبيقا لقاعدة كونية ثابتة، كما يقول هيكل "إن العناصر تحمل فنائها في ذاتها" وهي قاعدة تنطبق مطابقة شديدة على فترة الطائعيين، لأن العناصر التي أطاحت بفترة الطائعيين هي نفسها العناصر التي عملت على تغلغل الطائعيين في الدولة، وتولت أمنهم في تلك الفترة، ولا جديد فيها وليست إلا طائعيون مارقون، وخارجون، سلكوا نفس المسيرة بأسماء جديدة، وألقاب جديدة، وعدالة جديدة، وظلت الدولة تسير في نفس الاتجاه وبقوة إجرامية اكبر، كانت فترة انتقالية بما تحمله الكلمة من معنى وما جسدته من انتهاك للثروات وخرق للقوانين وإثقال كاهل الدولة المثقل أصلا.

بعدة ذلك خرج جيل طائعي انتقالي جديد بفلسفة أكثر عمقا، وأعمق طرحا، فلسفة في ظاهرها أخلاق، وفي حقيقتها مجرد صياغة لتاريخ قديم في قالب جديد، رئيس شرفي وداعمون |"عزيزيون" "طائعوا" النشأة والتربية، وأسدل ستار المسرحية السياسية الفكاهية وطنيا ودوليا، وخرج المشاهدون- المواطنون- من قاعة المسرح، وبقي النقاش والخلافات خلف الستار على كيفية تقسيم الدولة وتحديد أجور الأبطال والكتاب والتقنيين ... لكن الاختلاف بين الممثلين والمنتجين استمر إلى أن وصل إلى البرلمان بتقديم طلب حجب الثقة عن بطل مستورد اتضح فيما بعد أنه يحمل صفات السمو والأخلاق والقيم والتدين، وهي نتيجة طبيعية متوقعة عندما نستورد كلارك كيبل من هوليوود ليمثل على خشبة مسرح دار الشباب القديمة الموريتانية.

بعد ذلك دخلت الدولة في مسرحية جديدة عالمية تنافس على إنتاجها دول كبيرة مثل أمريكا وفرنسا، وظل دور المعارضة في تلك المسرحية " شاهد لم يرى شيئا" ثم انتهى إخراج المسرحية بطريقة محكمة ودقيقة في فصلين انتهى الفصل الأول منهما باتفاق داكار وبحضور ليبي غامض، وانتهي الفصل الثاني بتتويج رئيس جديد و بأول مشهد فيه عن الجرائم الاقتصادية....

" السياسة الموريتانية مش حتقدر تغمض عينيك".

ليست هناك تعليقات :