الثلاثاء، 28 يوليو 2015

حسن المختار إعلام هَشَّكْ بَشَّكْ.. حـــلـــقــــة قـطـعـة الحلويات

إعلام هَشَّكْ بَشَّكْ.. حـــلـــقــــة قـطـعـة الحلويات
من عجائب المخلوقات الإذاعية برنامج سمعته خلال أحد الأيام الماضية، أرجو أن تعتبر روايتي هنا لجزئية صغيرة سمعتها فيه على أنها نوع من هذر "تأخر الليل" لا أقل ولا أكثر... أو إن شئتم هي مجرد محاولة للقبض على لحظة عابرة من لحظات هذا الزمن الضائع المائع... كان الوقت
ظهراً وكنت منطلقاً بالسيارة على طريق سريع إلى مكان يبعد قرابة عشرين كيلومتراً من وسط المدينة لمقابلة موظفي شركة التأمين المسؤولة عن إصلاح سيارتي، التي أصيبت دعامتها الأمامية والخلفية والرفرف الأيمن منها إصابات بالغة في حادث تتابع اصطدمت فيه أربع سيارات وسط حركة محمومة على شارع رئيسي. ولأن المسافة طويلة نسبياً، وأنا ذاهب وحيداً في السيارة خطرت لي فجأة فكرة تشغيل راديو السيارة على إحدى الإذاعات المفضلة لديَّ، ولكن وجدت فيها برنامجاً مفتوحاً للجمهور تطرح فيه عادة أسئلة بديهية، حتى لا أقول ساذجة، في بعض أحكام المعاملات، فتركت تلك الإذاعة ورحت أبحث بمؤشر الراديو، وفجأة وجدت إذاعة عربية فثبت المؤشر واستمعت إليها بسبب قوة البث الصافي وجاذبية الصوت الدافي الذي كان يتحدث في المايك.
تربعت المذيعة وقالت -لا فض فوها- إن موضوع الحلقة يتعلق بفن التعامل مع قطعة حلويات، مخاطِبة المستمع: تخيل أنك جلست في صالون أو غرفة وأن أمامك قطعة حلويات، فما هي الطريقة التي ستتعامل بها معها، تأكلها أم تمسكها بيدك، أم تتركها في مكانها؟.. إن الطريقة التي ستتعامل بها مع هذه القطعة تعبر عن شخصيتك في النهاية، وتسمح بالحكم على طبيعة سلوكك وهل أنت شخص اجتماعي أم انطوائي أو ما ورائي... ويمكن تبعاً لذلك تشخيص كل ما قد يكون عندك من عُقد نفسية سيكوباتية إمبيريقية إلكترونية... وما أن أكملت أختنا المذيعة نظريتها الجديدة هذه حتى أطلقت ضحكة قصيرة، واستطردت قائلة: أعرف أن الموضوع سخيف ولكنه طريف! ولكنها لم تفصل القول للأسف لتجعلني أفهم إن كان موضوع الحلقة طريفاً لأنه سخيف، أم سخيفاً لأنه طريف!
وأقول أنا... وأمري لله... بعد أن اكتشفت للمرة الألف حسن حظي -بالفال- في بهجة المجالس... وحسن الجماعة -بالعامية- وأغلقت الإذاعة ورحت في طريقي سرباً أقلب كفيَّ غضبان أسفاً على قلة همتي حيث إنني لم أصطحب معي أيضاً في السيارة علبة حلويات، تقصر عليَّ الطريق وتؤنس وحشتي، بعد أن أصبح الإمتاع والمؤانسة عزيزين عبر الأثير... والله أعلم بما انتهى إليه برنامج أختنا المذيعة.... وإن كنت أستطيع المجازفة بتخمينه على كل حال... بسم الله ما شاء الله على الفصاحة وعلى الصراحة... وعلى الطرافة وعلى اللطافة... وعلى المفهومية وعلى النظرية... وعلى مذيعات آخر زمن... بل على غدر الزمن!

ليست هناك تعليقات :