محنض باب ولد اعبيد
ضربت المنتبذ القصي سنة 1185هـ - 1771م " حواطة " وهي قحط استمر ثلاث سنين نزل مطر بداية السنة الاولي فأنبت بقلا استأصله الجراد ثم وقف المطر في الثلاث سنين ففنيت الماشية ولجأ سكان الصحراء إلى بلاد فوتة والسنغال .
وخرج اعبيد واسمه المختار بن أحمذ بوي بن المختار بوي بن يعقوب بن باركلل بن يقبنلل وهو يعقوب الله بن يديمان ومعنى هذه الكلمة أبو الناس ولذلك قيل إن اسمه آدم بن يعقوب بن موسى بن مهنض أمغر ثاني الخمسة اتفاقا بن عامريل بن علي التونكلي.
وكان عالما هماما مدبرا وخرج ومعه حداد الي تافلالت ومكثا فيها ثلاث سنين فكان اعبيد يدرّس والحداد يعمل فحصلا علي ثروة هائلة وقفلا بعير ضمت12 جملا موقرة من القماش الرفيع والطنافس ورقيق الطعام فضلا عن النقود الذهبية فلما فصلا عن العمارة تعرض لهما اثنا عشر لصا مسلحون بالبنادق وأرادوا قتلهما ونهب ماعندهما فقال لهم اعبيد: لاحاجة لكم بأرواحنا ونحن لاننازعكم فيما عندنا فجميعه لكم ولا بد أن يكون من بينكم رجل كريم إن لم تكونوا كرماء كلكم فنريد منكم أن تصحبونا أول هذا اليوم حتى نخرج من هذه المفازة المخيفة وتتركوا لنا راحلة وزادا يبلغنا قرية "وادان" فانخدع القوم وسايروهما فأطالا المرحلة حتى وقعا علي أرض فيها شجرة واحدة ظليلة فأنزلا المتاع بعيدا عن الشجرة وفرشا تحتها للقوم وحملا اليهما طعاما وشرابا فأكل القوم كثيرا وشربوا كثيرا وناموا وكان الجوع والتعب قد أخذا منهم فلما استغرقوا في النوم أخذا أسلحتهم وشدا عليهما وجعلاها في أوسقهما واستبقيا بندقيين ورحلا بالعير فلم يستيقظ القوم حتى توارت بالحجاب فاقتصوا أثر العير ولحقوها من الغد فقال لهم اعبيد:
اختاروا واحدا من أمرين: الاول الصلح علي أن تصحبونا حتى ندخل في عمارة وادان ولكم قراكم مادمتم معنا، ولكم زادكم وحمولتكم اذا رجعتم عنا بشرط أن تتركوا فسحة بيننا وبينكم.
الثاني استعمال القوة وعسى أن نقتلكم ببنادقكم قبل ان تختلطوا بنا فوافقوا علي الخطة الاولي وصحبوهما علي الشرط فكانوا اذا نزلوا ملأ لهم اعبيد أواني من الطعام والشراب ووضعها جانبا فياتون فيطعمون ثم يرجعون عنها فيحملها هو او رفيقه.
هذا ولم يناما قط حتى دخلا عمارة وادان فأعطاهم راحلة وزادا وأرجع لهم أسلحتهم بعد أن نزع قداحاتها.
حين رجع اعبيد إلى " لخيام " بشروه أن زوجه "تانيت " بنت المختار وكانت ظاهرة الصلاح مشتهرة بالبركات والمكاشفات رزقت غلاما سمي محنض بابه تسمية له باسم خاله محنض بابه بن المختار بن المحجوب وكان ذلك في ذي الحجة سنة 1185هـ .
وأمه "تانيت " هي ابنة المختار بن المحجوب بن الطالب أجود وكان جدها العلامة الطالب أجود المتوفى سنة 1222 هـ قاضيا شهيرا عالما معروفا، وقد حكم في نازلة بين تندغه وأولاد أبييري في شأن قتيل من تندغه بسقوط ديته عن أولاد ابيري أول حربهم المشهورة والتي كان سببها أن أحد مناوئي أولاد أبيري استجار بتندغة فأجاروه واستعرت حرب تفانا فيها الطرفان يقول أحد الشعراء بشأنها :
الحربْ أولُ شابَّ اجْميلَ = وأعگابُ عزبَ بالزّورْهَ
ما اتلَ تندغِي يَحكمْ إدخيلَ = ألا اتل ولْ أولاد أبيري إدورْهَ
وإخوة تانيت المذكورة ثلاثة علماء أجلاء هم : حمدي ومحنض باب ومحمذن باب.
لم يلبث محنض باب أن فقد والده اعبيد وعوضه الله منه والدته البرة التي بقي في كنفها في تلك السنوات العجاف وحرصت علي تربيته من كل النواحي الجسمية والتعليمية والدينية وفقا لمعايير ذلك العصر.
ويروى أنه ورث عن والده بعيرا واحدا فأرادت والدته ان تشارط به معلما يحفظه القرآن العظيم إلا انه ألح عليها في أن لاتفعل مقابل تعهده بان يحفظ القرآن بمجهوده الشخصي وقد وفى بهذا التعهد وكانت هذه الواقعة أول دليل مادي علي نبوغه من جهة وعلي احساسه بأهمية المال من جهة اخرى. وفي نهاية مرحلة المراهقة وبداية مرحلة الشباب كان يعلم القرآن العظيم في حي أولاد بازيد في مكان لايبعد كثيرا عن المذرذره وكان تعليمه له مقابل أجر محدد وفي نفس الوقت كان يواصل دراسة العلم وكانت طريقته في دراسة العلم تنبيء عن قوة ارادته فقد كانت أقرب مدارس العلم اليه مدرستان: احداهما مدرسة الشيخ ألمين بن الماح بن الحسن دوبك الديماني وكانت عند "بنيامز" والمسافة بينه وبينهما 40كلم تقريبا.والثانية مدرسة الشيخ عبد الله بن التاه التمكلاوي وكانت عند " اجل" والمسافة بينه وبينهما 45كلم تقريبا ورغم ذلك فانه كان يختلف اليهما في عطلة الاسبوع وكان يذهب رجلان مساء يوم الاربعاء من كل اسبوع ويعود صباح يوم الجمعة وقد قرأ علي احد الشيخين أكثر ما استطاع تحصيله من نظم الخلاصة لمحمد بن مالك. فإذا عاد الي مقر مدرسته: انكب علي استذكار دروسه خارج اوقات تعليم القرآن.
وبلغ به الحرص علي الوقت في هذه المرحلة أنه كان يستغل ضوء النيران التي توقد ليلا فيراجع عليه دروسه ويكتب تعليقاته علي الخلاصة مستعينا بحاشية الاشموني عليها.وربما لايعرف أكثر الناس ان تلك التعليقات التي كتبها محنض بابه في ضوء النارأثناء مراجعته هي نفسها “ طرة محنض بابه علي الفية بن مالك” والتي لاتزال معتمدة في بعض المدارس الاهلية حتى الآن. علي أن محنض بابه ترك مدرسته القرآنية ورحل الي مدرسة خاله الشيخ حمدي بن المختار بن الطالب اجود يطلب فيها العلم فهو أستاذه الرئىسي الذي سمع منه مختصر خليل في الفقه المالكي وغيره من المختصرات.
وقد صرح محنض باب نفسه في مقدمة كتابه: الميسر بأنه تلميذ للشيخ حمدي وانه الذي أشار عليه بوضع شرح على المختصر، وقد قرأ مختصر خليل خلال ثلاثة أشهر بمعدل اربعة "أقفاف" يوميا
وكان محنض باب يعمر أوقاته بالتدريس والتأليف ولو مسافرا فكان يصحب كتبه علي جمل وفي أثناء السفر يكتب في لوح معه فإذا نزل نسخ مافي اللوح في الكاغد.
ويقول صاحب الوسيط: " إن يوم محنض بابه كان موزعا بين واجبات كثيرة: منها الحفر والزراعة والتنمية والتاليف والتدريس ونسخ الكتب والقضاء وغير ذلك .."
وأعد الشيخ محنض بابه ذات يوم دواته للنسخ فرأى بعض أترابه يلعبون فذهب اليهم وفي اثناء الطريق فكر في أنه إن غلبته نفسه اليوم فلن يغلبها بعده فتراجع ولم تغلبه بعد ذلك.
زها علمه وكانت تضرب إليه أكباد الإبل من كل ناحية للتعلم والاستفتاء وفصل القضاء.
وقد استقضي بإجماع الترارزة وأهل الحل والعقد من تشمش وإدوعل وإداب لحسن والحاجيين وغيرهم . وكان رحمه الله لايميل مع الأهواء في فصل القضاء ولا يحكم إلا بالمشهور في جميع الأمور وربما مال إلي الشاذ لمصلحة في ذلك أو لعرف أوفقه كما هوالمنصوص في شأن المجتهدين العارفين بالمدارك
فمن ميله الي غير المشهور: أنه كان يحلف الشهود لما رأي من التساهل في الشهادة، ويرى أن العبد اذا قطع أذن حر يقتص منه ليعامل بنقيض مقصوده لأن مقصوده أن يخرج عن ملك سيده.
ويرى أن قول العاقد: “لاسابقة ولا لاحقة” انما تطلق به اذا وقع السابقة او اللاحقة- لا المعقود عليها لان مقصودها ان لاتجتمع مع غيرها في عصمة ولأن اليمين أي التعليق لابد له من لفظ.
وكان يرى علي نفسه وهو في البلاد السائبة ما علي الإمام الاعظم من تنفيذ الأحكام واخذ الحق من الظالم إن استطاع الي ذلك سبيلا وقال قبل ذلك: فحيث وجد سبيلا إلي قصاص من قاتل او قتل محارب او تعزيز عاص بادر.
وقد عاب عليه البعض قائلين: إن المسائل التي تختص بالامام الاعظم والقضاة لايجوز للمحكم التصدي لها ولا للجماعة وان الوسيلة اذا لم يترتب عليها مقصد لم تشرع والحكم بشيء لايوجد من ينفذه لافائدة فيه.
وقد أجابهم أن تلك الامور إن توقفت علي نصب الامام وإقامة القضاة تعطلت الحقوق واستحلت الفروج واستعبدت الأحرار وأخيفت السبل وأن القصاص نزل في التورية والانجيل والقرآن قال تعالي “وكتبنا عليهم فيها أي في التورية - أن النفس بالنفس الآية”.
ثم قال: “ومن لم يحكم بما انزل الله أي من القصاص فاولئك هم الظالمون، وقفينا علي آثارهم بعيسي بن مريم مصدقا لما بين يديه من التورية الآية” ثم قال: ومن لم يحكم بما انزل الله أي في الانجيل من القصاص فاولئك هم الفاسقون وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه” اي شاهدا فلا ينكره علي من حكم به الا معاند للحق خارق لإجماع الخلق”.
مؤلفاته: له في الفقه: “ميسر الجليل علي مختصر خليل” وهو أكبر تآليفه¬ قال عنه ميلود ولد المختار خي في "عيون الإصابة في مناقب محنض باب ":
“لبث نيفا وأربعين سنة يحرر أعرب فيه عن حفظ وفقه نفس وجودة قريحة واستنباط وثبوت معرفة وكثرة تحصيل وسعة رواية وكمال براعة في المعقول والمنقول وحذاقة في جميع الاحكام واشراف علي جميع الفنون وغوص علي دقيق المعاني وتوقد خاطر، فهو كتاب لو كتب بماء الذهب أو وزن بالجوهر فهو قليل في حقه .."
ولم يكد الكتاب يخرج حتى انهالت التقاريظ من كبار العلماء مثل لمرابط محمذ فال بن متالي الشاعر الكبير محمدو بن حنبل الحسني و الشيخ محمذ فال بن أحمد فال التندغي والشيخ محمد المامي، وقد كان محنض باب معجبا بعلم المختار بن ألما وتحقيقه ولما أتم كتابه “الميسر” طلب منه نقده وتصحيحه فتدبره ولاحظ عليه في مسألة من البيوع فأصلحها محنض باب.
وله رسائل في الفقه منها رسالة في الحلف بالحرام يرد بها علي حبيب الله بن الامين ورسالة في مرجع الحبس المعقب يخالف فيها حرمة بن عبد الجليل العلوي المتوفي سنة ومكتوب في ربوية العلك.وله: أنظام شتى منها: نظم في مفوتات البيع الفاسدة ذاته
و نظم مجرحات الشهودوله نظم في وفيات بعض الفقهاء المذهب المالكي و له في قواعد الفقه نظم اختصر به تكميل المنهج لميارة و له في أصول الفقه: نظم سماه سلم الوصول الي علم الاصول. وله في اصول الدين نظم ربما يكون قد عقد به صغرى السنوسي
وله مكتوب يرد به علي البخاري بن الفلالي في شأن المعاد الجسماني. وله نظم: نسب الموجهات وتعليق عليه وله تسديد النظر في شرح المختصر شرح به مختصر الامام السنوسي في المنطق وله طرتان: مطولة ومختصرة علي نظم ابن طيب. وطرة علي السلم المرونق للأخضري وكان يقول: المنطق لي لا أشارك فيه.
وله تحقيقات لغوية بين فيها تحريفات شرح عليها الشنتمري أبياتا من ديوان الشعراء الستة
منها قول امرئي القيس:
عصافير وذبان ودود=وأجر من مجلجلة الذياب
شرحها الشنتمري وأجرأ "أفعل تفضيل" من الجرأة وفيه تعسف فقال الشيخ بل هو أجر جمع جرو معطوف علي عصافير.
ومنها قول زهير:
لها متاع وأعوان غرون بها=قتب وغرب اذا ما افرغ انسحقا
فالرواية "غدون" بالدال ولامعنى لها فقال الشيخ: بل هو "غرون" بالراء جمع (غر) بمعنى ملازم وصف لاعوان الي غير ذلك مما بينه رحمه الله من أبيات الديوان وغيره.
والتقى محنض باب بالعلامة النحوي محمد عالي الملقب (مع) بن سيد بن ساعيد هـ تلميذ عبد الودود بن عبد الل بن انجبنان الذي أخذ عن العلامة المختار بن بونا الجكني وكان محنض بابه يلاحظ علي قول ابن بونا في كلامه علي المبتدأ والخبر:
وارتفعا وانتصبا فيما انتظم = وخصص الفاعل وهو ملتزم
فكان يرى أن صوابه ما التزم بما النافية والماضي المبني للمجهول، وكان محمد عالي يرى أن صوابه ملتزم بزنة اسم المفعول كما أثبت.
وعند وداعهما قال محنض بابه: عصر حان مشيب ينكت على عدم تخصيص الفاعل فقال محمد عالي : لعله مني أو منك. يعني أن التخصيص مقدر فقال محنض بابه: قالت نملة فقال محمد عالي: بقرة تكلمت وحصاة سبحت يشير إلي أن الاخبار بالمستحيل عادة مايسوغ الابتداء بالنكرة غير المخصصة فكذلك الامر في الفاعل.
وإلي مسوغات الابتداء بالنكرة غير المخصصة أشار ابن بونا بقوله تذييلا لقول الخلاصة:
“وليقس مالم يقل”:
كعطف صالح للابتدا على=منكر والعكس هكذا انجلى
إبهامها الاخبار بالمحـــال=وكونها مبتــدءا في الحال
واجتمع محنض باب وهو شاب لم يطر شاربه بالعلامة الكبير المختار بن بونه وكان المختار بن بونه يقيم أول حياته في القبيلة وهو يومئذ يسأل عن الشاهد في قول ذي الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت=أعاليها مر الرياح النواسم
وقد روى البيت "من" بنون معجمة فقال محنض بابه متسائلا وبالبديهة لعلها "مر بالراء" المهملة فاعجب العلامة ابن بونه بالشاب الصغير الذي حل مشكلة طافت حول عشرات العلماء دون أن تظفر بحل والبيت أورده أحد شرح التسهيل شاهدا لتانيث الفعل بتانيث ما أضيف إليه فاعله. قال في الخلاصة:
وربما اكسب ثان أولا=تانيثا ان كان لحذف موهلا
وإنما يقوم الشاهد بالتصويب الذي اقترحه محنض باب
ومحنض باب مؤلفاته كثيرة شهيرة، وقد اشتهر بصحة الفهم وكاد يكون مجتهدا لولا ما في المنتبذ القصي من لزوم التقليد وخاض الكثير من المساجلات والمباحثات العلمية: من اشهرها مسألة راجع الوقف التي أثارت خلافا واسعا بين علماء ذلك العصر وقد كان النقاش حولها حادا بين محنض باب وباب بن أحمد بيبه من جهة وبين حرمه بن عبد الجليل وادييجه الكمليلي من جهة.
ولقي محنض باب محمد محمود بن حبيب الله بن القاضي الايجيجبي واتفقا فيما بحثاه من مسائل الفقه ماعدا ثلاث مسائل:
منها المحار الذي قال محمد محمود بجواز التيمم عليه لانه من جنس التراب بدليل أن الارض لاتاكلها ورد عليه محنض بابه بأن عجب الذنب لاتاكله الارض ولا يتيمم به.
ومنها التربة اللاصقة بالجبهة فقد قال محمد محمود انها غير حائل لأنها من جنس التراب وقال محنض بابه انها حائل.
ومنها الخمر المخلل بصنعة قال محمد محمود انه مثل المتخلل بنفسه وخالفه محنض بابه.
وانهدمت بير علي حافر كان يحفر فافتى محنض باب بأن الدية علي الذي كان يرفع التراب فقال أحمد بابا بن حامدت من "ايدكبال " إن علي رافع التراب نصف الدية لان المتوفي أعان علي نفسه بقبول الحفر. فقال محنض بابه نقضت فتواي فقال: لم أنقضها ولكني أعلم منك بشأن الآبار.
ومنها مسألة الحلف بالحرام وهذه المسالة كغيرها من المسائل جرت فيها مساجلات بين محنض بابه ولد اعبيد وبين حبيب الله بن الأمين ابن الحاج الشقروي حول شخص حلف بالحرام وجامع الأيمان ثم حنث ما يلزمه وقد أفتى محنض باب بأن زوجته قد حرمت عليه بتاتا وأفتى حبيب الله بأنه لا يلزمه سوى طلقة رجعية واحدة
ومنها النازلة التندغية :
وهي في الجنايات تجابه فيها بطنان مالكيان من تندغة هما: أهل أبابك وأهل آبيرى.
وكان ابن متالي يعضد أهل أبابك في حين كان منافسوه "اركاكنه " يقفون إلى جانب أهل آبيرى، وقد بدأ هذا الصراع بغارات أهل آبيرى على أهل أبابك تولد عنها قتلى في صفوف الطرفين قررا بعدها تحكيم ابن متالي لحل نزاعهما.
إلا أن طغيان النزعة الثأرية على مستوى العصبيات المتصارعة والأحداث التي تلت عمليات التحكيم أفشلت جهود ابن متالي لنزع فتيل ذلك النزاع الذي اعتبر طرفا في إحدى منعرجاته الكثيرة فقد أبرم الصلح بين الطرفين وأرسل رجالا من أهل أبابك في طلب الوفاء بشروطه. وفي حادث عارض قتل أحد أعضاء الوفد "محمذن ولد سيد أحمد الأبابكي" محمد فال بن احمتك الأبيري ليزداد النزاع تعقيدا وترفع القضية من جديد إلى محنض بابه قاضي الأمير للفصل بين الخصماء في محصر محمد لحبيب وقد أصدر محنض باب حكما بقتل محمذن ولد سيد أحمد قصاصا وكاد أن ينفذ فيه ذلك الحد لولا تدخل شيخه ونصير القوم محمذن فال بن متالي ونقضه حكم محنض باب في فتوى مشهورة يقول فيها: "... إن محمذن ولد سيد أحمد لا يتناوله قصاص في الدنيا ولا عموم وعيد في العقبى لأنه عدل عن آلة تصمي إلى آلة لا تصمي" وهذه واحدة من القضايا التي خرج فيها قضاة المنتبذ على مشهور المذهب المالكي لأن ابن متالي هنا كيّف القتل على أنه شبه خطإ والمالكية لا يوجد عندهم إلا قتل عمد أو خطأ "وإن كان بعض العلماء الأندلسيين يوجد عندهم شبه الخطإ في القتل ربما يكون ولد متالي هنا قلدهم، وقد آل الأمر في النهاية إلى رجوع محنض باب عن موقفه وتبني رأي ابن متالي.
وكان دليل محنض باب للقصاص تعمد الضرب المسبب للموت وقد قال خليل: «وقتل بما قتل به وإن بقضيب، فطلب "أهل أبابك" تأجيل التنفيذ حتى ينظر ابن متالي فنظر ابن متالي إلى هذا القتل على أنه ليس عمدا محضا وإنما هو خطأ أشبه العمد ، وقد استدل العلامة باب بن أحمد بيب العلوي على عدم القصاص بقوله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه} لأن موسى لم يرد القتل بالوكزة وإنما حصل القتل بسببها فلم يقل الله سبحانه وتعالى "وقتله موسى"، وهذا استدلال جيد وإن كان فيه خروج على المذهب أيضا
وقدكتب ابن متالي التسليم بما حكم به محنض باب من القسامة وقال مخاطبا إياه "لكن إذا كان الحكم عندك بخلاف ذلك وأنه لا بد من القسامة على واحد فأعلم أنا مقلدوك ومسلمون لما تحكم به، أحكم بما أراك الله وحث محمد الحبيب على تنفيذ حكم القاضي محنض بابه.
وهكذا رجع كل من الشيخين إلى رأي الآخر في أحد مظاهر تطورات هذا النزاع فمحنض بابه رجع إلى رأي ابن متالي في قضية القتل غير العمد وحكم بالدية ورجع ابن متالي إلى حكم محنض بابه في أمر القسامة".
أما لولي بن اليعقوبي التندغي فلم يرض عن الحكم فتبادل مع محنض بابه من جهة ومع ابن متالي من جهة أخرى رسائل في الموضوع.
ويذكر من أدبيات هذا النزاع أن محنض بابه عندما جلس في قضية تندغة عامل الشيخ ابن متالي وهو من هو معاملة خصمه فلم يقم إليه عند دخوله المجلس كما كانت عادته معه في السابق، وأن محمذن ولد سيد أحمد الذي حكم عليه القاضي محنض باب بالقصاص رثى محنض بابه بعد وفاته
/
ومنها النازلة الغلامية
وهذه النازلة هي عبارة عن استلحاق محمذن ولد الكوري لابن أمته وهي النازلة المعروفة في الوسط الديماني بالنازلة الغلامية التي رفعت إلى أحمد ولد العاقل فحكم فيها بلحوق الغلام لابن الكوري بعد وفاته وهذا نص حكم أحمد ولد العاقل : "الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد فقد ترافع إلي محمد ولد أحمد ولد حرمه وأبوبكر ولد سيدي ولد حرمه في شأن غلام ادعى الأول أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه رحمه الله استلحقه وأنكر الثاني فألزمت المدعي البينة فأتى بشاهدي عدل على الاستفراش وهما: محمد ولد أحمد ولد عبد الله وزين ولد الغالي وآخرين على الاستلحاق وهما المصطف ولد أعبيد بن محمود لله والزيغم ولد عاش قرنا وعدول كثيرون شهدوا على القطع بأنه ولده لحصول العلم لهم بالقرائن بذلك، وبسبب القرائن البينة كتسميته باسم جده وحمرة لونه والعق عنه بثلاث شياه وغير ذلك، ومنهم أي العدول محمد القرشي ولد ألمين بن أحمد بن يحي ومحمد فال بن والد ومحمد كم ولد الفاضل وعبد الله جنك، فأعذرت للمشهود عليه في الشهود فلم يبد مطعنا فحكمت بلحوقه بعد مشورة العلماء من أهل البدل كالمختار ولد محمذن ولد المختار ومحنض بابه ولد أعبيد وغيرهم"
وقد عارضت هذا الحكم جماعة من أبناء عمومة الرجل منهم بكي ولد سيدي ولد حرمه في مرحلة أولى ووافقه جماعة من علماء المنطقة منهم محمذن فال بن متالي وغيرهم، ومحنض بابه في مرحلة ثانية.
أما محنض باب الذي ذكر أحمد بن العاقل أنه استشاره فإن له موقفا آخر من هذا النزاع فهو يرى عدم اللحوق ويفصل ذلك في مكتوب يبعث به للشيخ سيدي بن المختار الهيبه ليطلعه فيها على رقية المختار وهو الغلام. الذي دار حوله النزاع وكان المختار هذا ينوي التزوج في قبيلة الشيخ سيديا أو تزوج بالفعل كما يفهم من رسالة الشيخ سيدي الجوابية ومن رسالة محنض بابه إلى الشيخ سيدي :
" .. موجبه الاستغاثة إلى الله ثم إليكم في ملمة ألمت وطامة طمت وهي أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه ترك ابنة وعبيدا منهم أمة متزوجة لها ولد لم ينفه أبوه فلما لم يترك سيدها ولدا ادعت أم السيد وأقاربها أن ذلك الولد من محمذن ولد الكوري واحتجوا بحجج منها شهادة رجل أنه عاينه يستمتع بأمته ومنها قرائن على أنه ولده فرفع ذلك إلى الشيخ أحمد ولد العاقل ، ولم يقبل تلك الحجج لضعفها عنده واحتج بقول خليل: "وإنما يستلحق الأب مجهول النسب" وأمر أولاد حرمه بقسمة التركة وأبقاه على الرق وذلك حكم عند ابن القاسم لايجوز نقضه، فلما قسموا المال وقع الغلام في نصيب بنت محمذن ولد الكوري وبقي كذلك نحو ثلاث عشرة سنة ثم قام سيد أحمد ولد حبيب الله ولفق حججا أيضا فأصغى الشيخ أحمد ولد العاقل لحججه ومنها شهادة من لم يرفع في تلك السنين ويرى أم الولد تستخدم وفي حق الله تجب المبادرة بالإمكان.
وقد نصوا على أن من لم يبادر يقدح ذلك في شهادته ولا يعذر بالجهل كما في التوضيح عند ذكر سكوت البكر ونظم الزقاق للقواعد ولما أصغى الشيخ لتلك الحجج قال إن الغلام لمحمذن ولد الكوري بل حكم بذلك فجعل أهل حرمه ومن نصرهم ذلك حجة يدفعون بها من يطلب حقه من تركة بنت محمذن ولد الكوري وذلك إن ثبت منقوض لمخالفته نص قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش..." أي لصاحب الفراش ولا خفاء أن الزوجة فراش لزوجها إلى أن يقول والحكم بلحوق هذا الغلام لمحمذن ولد الكوري نقضه أحمدو فال بن محمذن فال الموسوي بسبب مخالفته للنص السابق ونقضه محمذن فال بن متالي وسلم له أحمد محمود التندغي وسيد أحمد ولد محنض ولد خاديل، و محمذن ولد الكوري لو ثبت أنه وطئها بعد استبرائها من زوجها وولدت لستة أشهر فأكثر من وطء السيد فإذا علم هذا فابنة محمذن ولد الكوري التي هي سيدة الغلام تركت زوجا وأما وبنيها فورثت الأم وبنوها نصف الغلام فإذا كان لهم حق في فسخ نكاحه فقد فسخوه ومعلوم أن مالك بعض العبد له رد نكاحه انتهى.
ثم جاء جواب الشيخ سيدي باسم جماعة أهل محنض نلله من أولاد مرابط مكه ابن ابيري أخوال محمذن ولد الكوري في رسالة مطولة مليئة بالنصح والإرشاد لإصلاح ذات البين ثم يعود بعد ذلك إلى حكم أحمد ولد العاقل فيقول ثم لتعلموا أن حكم القاضي العالم العادل المجمع في عصره على جلالته وتقدمه في خطة القضاء والفصل بين الخصماء لسنا ممن يتعرض عليه ولا يعترض في شيء من الأشياء عليه لكوننا لسنا من رجال ذلك الشان ولامن فرسان ذلك الميدان مع العلم أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في منتقصيهم معلومة وأما نكاح بنت عبد الله ولد حيبلله ولد العالم فالأمر فيه عند أهلها كالعدم في جنب استرقاق بعلها بل يقال في جدار ذلك لدى التخريب ما يقال في مثقال الذيب، انتهى.
واشتهر هذا النزاع بنزاع الغلام أو المسألة الغلامية ويذكر أنه بمناسبة هذا النزاع قال محنض بابه إن حكم أحمد ولد العاقل منتقض لعدم صحة قضاء الأعمى وكان الشيخ أحمد بن العاقل قد كف بصره آنذاك فرد عليه أحمد بن العاقل بأن ذلك مقيد بوجود المثل ملمحا إلى أن الشيخ محنض باب لم يبلغ مرتبته بعد مع العلم بأن سلامة البصر والسمع واللسان من شروط التمادي والاستمرار لا من شروط الصحة بمعنى أن القاضي إذا عمي يجب عزله عن القضاء ولكن أحكامه تنفذ لأنها صحيحة عند المالكية وأما عند الأئمة الباقين فإنها شروط صحة عندهم لازمة لصحة أحكام القاضي وحكي هذا القول عند بعض المالكية[ وهذه واحدة من تلك المسائل التي خرج فيها قضاة وعلماء المنتبذ على مشهور المذهب المالكي
ومن أحكامه حكمه بفسخ شراء حصة من بئر انتمركاي وهي بئر لأولاد ديمان بمنطقة ايكيدي تبعد حوالي أربعين كلومتر شمال شرق المذرذرة :
قال محنض باب: "الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وأصحابه، وبعد فإن من القواعد التي بني عليها الفقه قولهم الضرر يزال وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار " اختلف في قوله لا ضرار هل هو تأكيد لما قبله في النهي عن الإضرار ومعنى الأول لا تضر من لم يضرك ومعنى الثاني لا تضر من ضرك فعلى هذا كل ما فيه إضرار أو ضرر أو ضرار منهي عنه عقدا كان أو غيره والعقد المنهي عنه فاسد يفسخ قال الشيخ خليل "وفسخ منهي عنه إلا بدليل" وما اتفق عليه الشافعية والمالكية أن النهي يقتضي الفساد
ولا يخفى أن شراء الحسن لربع انتمركاي من المرداني إنما قصد به إضرار آل الكوري ولد قطرب لما بينهم، من العداوة فما حكم به سيد أحمد ولد م محم فسخ ذلك الشراء صواب.
وكذا حكمه بأن المرداني يبقى له ما أخذ من الحسن ويدفع آل الغلاوي للحسن قيمة ما دفع المرداني لأن ما أخذ المرداني قد اختاره عن نصيبه من انتمركاي فلا ضرر عليه في ذلك والحسن ليس له إلا قيمة ما دفع ولا ضرر عليه في أخذه من غير المرداني بل أرفق أخذه من آل الغلاوي لأن تمكنه منهم أشد من تمكنه من المرداني وكذا ذكر الخرشي وعبد الباقي في باب الشفعة عند قول خليل "وكتابة ودين" أن الدين إن بيع لعدو فالمدين أحق به لدفع الضرر ومما يشهد لما حكم به سيد أحمد من بقاء ما أخذه المردان له ودفع قيمته للحسن مسألة ورثة المشتري بالخيار إذا رد بعضهم وأجاز بعض فإن الاستحسان أخذ المجيز جميع السلعة ويدفع جميع الثمن للبائع ليرتفع عن البائع ضرر التبعيض ولا ضرر على أحد في ذلك لأنه بقي لمن رد، ماله وأخذ البائع مثل الثمن الذي باع به.
فدعوى أن ما فعله سيد أحمد لا نظير له في الفقه قصور نظر وكذا دعوى أن فسخ العقد للعدواة خاص ببيع الدين لعدو، فإنه يفسخ كل عقد فيه ضرر كتفرق أم من ولد لم يثغر وتوكيل عدو في خصومة وبيع غير الدين للعدو كبيع الدين له في الإضرار، والعقد لا يزال ضرره إلا بفسخه. فما حكم به سيد أحمد في شأن انتمركاي هو الصواب فلا يجوز له ولا لغيره نقضه هو الصواب ومن أفتى للحسن بفساد ذلك الحكم فقد أغراه على إضرار سيد أحمد وإضرار أهل الغلاوي والله حسيبه وتجب التوبة من ذلك والرجوع وبالله التوفيق لا رب غيره وهو حسبي ونعم الوكيل.
ومن أحكامه المستأنفة حكمه على عبد بالقتل قصاصا فطلب منه الأمير محمد لحبيب تأخير التنفيذ حتى ينظر – قاضي التمييز - محمذن فال بن متالي في الحكم ويعرف هل فيه مطعن أم لا؟ فطلب الأمير محمد لحبيب من محمذن فال بن متالي النظر في ذلك الحكم، فإذا بالعبد له ست أخوات كلهن حامل فقال ابن متال مخاطبا محنض بابه أما ترى أيها القاضي أنه عند قتل هذا العبد يمكن أن تنجر عن ذلك مفسدة أعظم من مفسدة عدم القصاص لأنه لو قتل لأجهضت أخواته الست وربما متن كلهن فينجر عن ذلك قتل اثنتي عشر نفسا فرضي الشيخ محنض بابه ووقف التنفيذ حتى تضع أخوات الرجل وبعد فترة رضي أولياء دم القتيل بالدية فتحملها الأمير محمد لحبيبب.
وقد اعترض العلامة فتى ولد سيدنا على حكم محنض باب لإدابلحسن بالقصاص من إيدوعلي في أعقاب يوم "لميلحة" فتوى يعبر عنوانها عن مضمونها بوضوح سماها "تنبيه العالم العلامة في موانع القصاص والقسامة" ، كما ناظره في القسامة العلامة محمد لولي بن اليعقوبي التندغي في شأن النازلة التندغية.
ويروى البراء بن بكي قال: اخبرني محمد لوليد بن عبد الله ابن المعلوم انه وقع عقد من سفيه محجور عليه من ابيه علي امرأة منهم ولم يقم عليه الا شاهد واحد وحصل منه حمل وفسخ الاب ووقعت مرافعة بين ابي الزوج واهل الزوجة علي محنض بابه بن اعبيد فحكم باللحوق.
ومحمد لوليد من فرقة ابي الزوج ولم يزل يبحث عن حكم اللحوق بشهادة شاهد واحد حتى وقف في المدونة علي أن الشاهد الواحد علي العقد لايلحق به الولد.
فجعل مرجعا في ذلك الموضع من المدونة واخذ صاحبا وركبا جملين وطافا في علماء إيكيدي وهما حاملان المدونة لينظرا هل يوجد مايخالفه أو ماهو أقوى منه أو يساويه فلم يجداه فذكر لهما محنض باب وهو غائب ببعض زوايا القبلة فتوجها اليه فلما اتياه وجداه نائما ضحى فلم يلبث حتي استيقظ فسلما عليه وسألهما عن الخبر مع أن الكتاب في يد محمد لوليد وفيه المرجع.
فنظر محنض بابه اليه فقال: الكتاب المدونة..؟
فقال محمد لوليد: نعم فقال له: المرجع في كتاب اللعان؟ فقال محمد لوليد: نعم وسؤالك لم؟
فأبى أن يجيبه فقال له محمد لوليد: ماتقول في هذا؟ فقال: لااجيبك حتى ناتي اهلنا فتوجهوا الي اهلهم فأتوهم ضحى ولم يلقه آخر ذلك اليوم فأتاه في اليوم الذي بعده ضحى آخذا ابن سهل فلما فتحه قال له: مالك رحمه الله تكلم علي المسألة في أربعة مواضع من المدونة وقوله في كتاب اللعان قوله المرجوع عنه.
فلما أراه ذلك قال له: لم لم تقل لي هذا أول وهلة؟ فقال له: للعين حظ.
قال ميلود في عيون الاصابة: وسمعت أحدهم قال له: خطاك بعضهم في بيت لك. فقال له رحمه الله ماكان ذلك عادتي لم يلحني احد قط إلا كان هو اللاحن فأي بيت خطأني فيه؟ قالوا في قولك: في أرجوزية:
ثم اسلم كما أصلـي=علي الرسول الخاتم المجلي
فإن تقديم “السلام” علي “الصلاة” خطأ فقال متضاحكا مما قال: وهل قدمته عليها؟ او ماقال الله تعالي: انا اوحينا اليك كما اوحينا الي نوح .. الآية، فهل كان النبي قبل نوح عليهما الصلاة والسلام؟ هذا جهل بمقاصد العرب.
ويقول تلميذه المختار بن الما اليدالي : كنت معه ذات ليلة مظلمة في أرض مجهلة فاشفقت من أن يضل الطريق فقال لي: إني لاأعترف لاحد بالتفوق علي في ثلاث خصال: منها ان المسودة لن تخفى علي بالغة مابلغت من الاشكال وتخالف الكلمات ومنها الهداية اي انه لم يضل قط طريقا وسترى ذلك في هذه الليلة فشاهد المختار اهتداءه الي الجهة المقصودة مع ظلمة الليل.
ومنها ثبات الجأش اي انه لم يرع من شيء قط وقد كان ذات ليلة يقود سانية عند بير بجوار مقبرة في ليلة مظلمة اذ زلقت قدماه في بلل وسمع صوتا مزعجا فثبت له فألفى البلل سلا أتان والدة والصوت نخيرها.
كان ملازما للذكر وأخذ الطريقة التيجانية ودافع عنها نثرا وشعرا .
توفي رحمه الله ليلة الأربعاء رابعة صفر الخير عام سبعة وسبعين ومائتين وألف، عن اثنتين وتسعين سنة.
كامل الود
ضربت المنتبذ القصي سنة 1185هـ - 1771م " حواطة " وهي قحط استمر ثلاث سنين نزل مطر بداية السنة الاولي فأنبت بقلا استأصله الجراد ثم وقف المطر في الثلاث سنين ففنيت الماشية ولجأ سكان الصحراء إلى بلاد فوتة والسنغال .
وخرج اعبيد واسمه المختار بن أحمذ بوي بن المختار بوي بن يعقوب بن باركلل بن يقبنلل وهو يعقوب الله بن يديمان ومعنى هذه الكلمة أبو الناس ولذلك قيل إن اسمه آدم بن يعقوب بن موسى بن مهنض أمغر ثاني الخمسة اتفاقا بن عامريل بن علي التونكلي.
وكان عالما هماما مدبرا وخرج ومعه حداد الي تافلالت ومكثا فيها ثلاث سنين فكان اعبيد يدرّس والحداد يعمل فحصلا علي ثروة هائلة وقفلا بعير ضمت12 جملا موقرة من القماش الرفيع والطنافس ورقيق الطعام فضلا عن النقود الذهبية فلما فصلا عن العمارة تعرض لهما اثنا عشر لصا مسلحون بالبنادق وأرادوا قتلهما ونهب ماعندهما فقال لهم اعبيد: لاحاجة لكم بأرواحنا ونحن لاننازعكم فيما عندنا فجميعه لكم ولا بد أن يكون من بينكم رجل كريم إن لم تكونوا كرماء كلكم فنريد منكم أن تصحبونا أول هذا اليوم حتى نخرج من هذه المفازة المخيفة وتتركوا لنا راحلة وزادا يبلغنا قرية "وادان" فانخدع القوم وسايروهما فأطالا المرحلة حتى وقعا علي أرض فيها شجرة واحدة ظليلة فأنزلا المتاع بعيدا عن الشجرة وفرشا تحتها للقوم وحملا اليهما طعاما وشرابا فأكل القوم كثيرا وشربوا كثيرا وناموا وكان الجوع والتعب قد أخذا منهم فلما استغرقوا في النوم أخذا أسلحتهم وشدا عليهما وجعلاها في أوسقهما واستبقيا بندقيين ورحلا بالعير فلم يستيقظ القوم حتى توارت بالحجاب فاقتصوا أثر العير ولحقوها من الغد فقال لهم اعبيد:
اختاروا واحدا من أمرين: الاول الصلح علي أن تصحبونا حتى ندخل في عمارة وادان ولكم قراكم مادمتم معنا، ولكم زادكم وحمولتكم اذا رجعتم عنا بشرط أن تتركوا فسحة بيننا وبينكم.
الثاني استعمال القوة وعسى أن نقتلكم ببنادقكم قبل ان تختلطوا بنا فوافقوا علي الخطة الاولي وصحبوهما علي الشرط فكانوا اذا نزلوا ملأ لهم اعبيد أواني من الطعام والشراب ووضعها جانبا فياتون فيطعمون ثم يرجعون عنها فيحملها هو او رفيقه.
هذا ولم يناما قط حتى دخلا عمارة وادان فأعطاهم راحلة وزادا وأرجع لهم أسلحتهم بعد أن نزع قداحاتها.
حين رجع اعبيد إلى " لخيام " بشروه أن زوجه "تانيت " بنت المختار وكانت ظاهرة الصلاح مشتهرة بالبركات والمكاشفات رزقت غلاما سمي محنض بابه تسمية له باسم خاله محنض بابه بن المختار بن المحجوب وكان ذلك في ذي الحجة سنة 1185هـ .
وأمه "تانيت " هي ابنة المختار بن المحجوب بن الطالب أجود وكان جدها العلامة الطالب أجود المتوفى سنة 1222 هـ قاضيا شهيرا عالما معروفا، وقد حكم في نازلة بين تندغه وأولاد أبييري في شأن قتيل من تندغه بسقوط ديته عن أولاد ابيري أول حربهم المشهورة والتي كان سببها أن أحد مناوئي أولاد أبيري استجار بتندغة فأجاروه واستعرت حرب تفانا فيها الطرفان يقول أحد الشعراء بشأنها :
الحربْ أولُ شابَّ اجْميلَ = وأعگابُ عزبَ بالزّورْهَ
ما اتلَ تندغِي يَحكمْ إدخيلَ = ألا اتل ولْ أولاد أبيري إدورْهَ
وإخوة تانيت المذكورة ثلاثة علماء أجلاء هم : حمدي ومحنض باب ومحمذن باب.
لم يلبث محنض باب أن فقد والده اعبيد وعوضه الله منه والدته البرة التي بقي في كنفها في تلك السنوات العجاف وحرصت علي تربيته من كل النواحي الجسمية والتعليمية والدينية وفقا لمعايير ذلك العصر.
ويروى أنه ورث عن والده بعيرا واحدا فأرادت والدته ان تشارط به معلما يحفظه القرآن العظيم إلا انه ألح عليها في أن لاتفعل مقابل تعهده بان يحفظ القرآن بمجهوده الشخصي وقد وفى بهذا التعهد وكانت هذه الواقعة أول دليل مادي علي نبوغه من جهة وعلي احساسه بأهمية المال من جهة اخرى. وفي نهاية مرحلة المراهقة وبداية مرحلة الشباب كان يعلم القرآن العظيم في حي أولاد بازيد في مكان لايبعد كثيرا عن المذرذره وكان تعليمه له مقابل أجر محدد وفي نفس الوقت كان يواصل دراسة العلم وكانت طريقته في دراسة العلم تنبيء عن قوة ارادته فقد كانت أقرب مدارس العلم اليه مدرستان: احداهما مدرسة الشيخ ألمين بن الماح بن الحسن دوبك الديماني وكانت عند "بنيامز" والمسافة بينه وبينهما 40كلم تقريبا.والثانية مدرسة الشيخ عبد الله بن التاه التمكلاوي وكانت عند " اجل" والمسافة بينه وبينهما 45كلم تقريبا ورغم ذلك فانه كان يختلف اليهما في عطلة الاسبوع وكان يذهب رجلان مساء يوم الاربعاء من كل اسبوع ويعود صباح يوم الجمعة وقد قرأ علي احد الشيخين أكثر ما استطاع تحصيله من نظم الخلاصة لمحمد بن مالك. فإذا عاد الي مقر مدرسته: انكب علي استذكار دروسه خارج اوقات تعليم القرآن.
وبلغ به الحرص علي الوقت في هذه المرحلة أنه كان يستغل ضوء النيران التي توقد ليلا فيراجع عليه دروسه ويكتب تعليقاته علي الخلاصة مستعينا بحاشية الاشموني عليها.وربما لايعرف أكثر الناس ان تلك التعليقات التي كتبها محنض بابه في ضوء النارأثناء مراجعته هي نفسها “ طرة محنض بابه علي الفية بن مالك” والتي لاتزال معتمدة في بعض المدارس الاهلية حتى الآن. علي أن محنض بابه ترك مدرسته القرآنية ورحل الي مدرسة خاله الشيخ حمدي بن المختار بن الطالب اجود يطلب فيها العلم فهو أستاذه الرئىسي الذي سمع منه مختصر خليل في الفقه المالكي وغيره من المختصرات.
وقد صرح محنض باب نفسه في مقدمة كتابه: الميسر بأنه تلميذ للشيخ حمدي وانه الذي أشار عليه بوضع شرح على المختصر، وقد قرأ مختصر خليل خلال ثلاثة أشهر بمعدل اربعة "أقفاف" يوميا
وكان محنض باب يعمر أوقاته بالتدريس والتأليف ولو مسافرا فكان يصحب كتبه علي جمل وفي أثناء السفر يكتب في لوح معه فإذا نزل نسخ مافي اللوح في الكاغد.
ويقول صاحب الوسيط: " إن يوم محنض بابه كان موزعا بين واجبات كثيرة: منها الحفر والزراعة والتنمية والتاليف والتدريس ونسخ الكتب والقضاء وغير ذلك .."
وأعد الشيخ محنض بابه ذات يوم دواته للنسخ فرأى بعض أترابه يلعبون فذهب اليهم وفي اثناء الطريق فكر في أنه إن غلبته نفسه اليوم فلن يغلبها بعده فتراجع ولم تغلبه بعد ذلك.
زها علمه وكانت تضرب إليه أكباد الإبل من كل ناحية للتعلم والاستفتاء وفصل القضاء.
وقد استقضي بإجماع الترارزة وأهل الحل والعقد من تشمش وإدوعل وإداب لحسن والحاجيين وغيرهم . وكان رحمه الله لايميل مع الأهواء في فصل القضاء ولا يحكم إلا بالمشهور في جميع الأمور وربما مال إلي الشاذ لمصلحة في ذلك أو لعرف أوفقه كما هوالمنصوص في شأن المجتهدين العارفين بالمدارك
فمن ميله الي غير المشهور: أنه كان يحلف الشهود لما رأي من التساهل في الشهادة، ويرى أن العبد اذا قطع أذن حر يقتص منه ليعامل بنقيض مقصوده لأن مقصوده أن يخرج عن ملك سيده.
ويرى أن قول العاقد: “لاسابقة ولا لاحقة” انما تطلق به اذا وقع السابقة او اللاحقة- لا المعقود عليها لان مقصودها ان لاتجتمع مع غيرها في عصمة ولأن اليمين أي التعليق لابد له من لفظ.
وكان يرى علي نفسه وهو في البلاد السائبة ما علي الإمام الاعظم من تنفيذ الأحكام واخذ الحق من الظالم إن استطاع الي ذلك سبيلا وقال قبل ذلك: فحيث وجد سبيلا إلي قصاص من قاتل او قتل محارب او تعزيز عاص بادر.
وقد عاب عليه البعض قائلين: إن المسائل التي تختص بالامام الاعظم والقضاة لايجوز للمحكم التصدي لها ولا للجماعة وان الوسيلة اذا لم يترتب عليها مقصد لم تشرع والحكم بشيء لايوجد من ينفذه لافائدة فيه.
وقد أجابهم أن تلك الامور إن توقفت علي نصب الامام وإقامة القضاة تعطلت الحقوق واستحلت الفروج واستعبدت الأحرار وأخيفت السبل وأن القصاص نزل في التورية والانجيل والقرآن قال تعالي “وكتبنا عليهم فيها أي في التورية - أن النفس بالنفس الآية”.
ثم قال: “ومن لم يحكم بما انزل الله أي من القصاص فاولئك هم الظالمون، وقفينا علي آثارهم بعيسي بن مريم مصدقا لما بين يديه من التورية الآية” ثم قال: ومن لم يحكم بما انزل الله أي في الانجيل من القصاص فاولئك هم الفاسقون وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه” اي شاهدا فلا ينكره علي من حكم به الا معاند للحق خارق لإجماع الخلق”.
مؤلفاته: له في الفقه: “ميسر الجليل علي مختصر خليل” وهو أكبر تآليفه¬ قال عنه ميلود ولد المختار خي في "عيون الإصابة في مناقب محنض باب ":
“لبث نيفا وأربعين سنة يحرر أعرب فيه عن حفظ وفقه نفس وجودة قريحة واستنباط وثبوت معرفة وكثرة تحصيل وسعة رواية وكمال براعة في المعقول والمنقول وحذاقة في جميع الاحكام واشراف علي جميع الفنون وغوص علي دقيق المعاني وتوقد خاطر، فهو كتاب لو كتب بماء الذهب أو وزن بالجوهر فهو قليل في حقه .."
ولم يكد الكتاب يخرج حتى انهالت التقاريظ من كبار العلماء مثل لمرابط محمذ فال بن متالي الشاعر الكبير محمدو بن حنبل الحسني و الشيخ محمذ فال بن أحمد فال التندغي والشيخ محمد المامي، وقد كان محنض باب معجبا بعلم المختار بن ألما وتحقيقه ولما أتم كتابه “الميسر” طلب منه نقده وتصحيحه فتدبره ولاحظ عليه في مسألة من البيوع فأصلحها محنض باب.
وله رسائل في الفقه منها رسالة في الحلف بالحرام يرد بها علي حبيب الله بن الامين ورسالة في مرجع الحبس المعقب يخالف فيها حرمة بن عبد الجليل العلوي المتوفي سنة ومكتوب في ربوية العلك.وله: أنظام شتى منها: نظم في مفوتات البيع الفاسدة ذاته
و نظم مجرحات الشهودوله نظم في وفيات بعض الفقهاء المذهب المالكي و له في قواعد الفقه نظم اختصر به تكميل المنهج لميارة و له في أصول الفقه: نظم سماه سلم الوصول الي علم الاصول. وله في اصول الدين نظم ربما يكون قد عقد به صغرى السنوسي
وله مكتوب يرد به علي البخاري بن الفلالي في شأن المعاد الجسماني. وله نظم: نسب الموجهات وتعليق عليه وله تسديد النظر في شرح المختصر شرح به مختصر الامام السنوسي في المنطق وله طرتان: مطولة ومختصرة علي نظم ابن طيب. وطرة علي السلم المرونق للأخضري وكان يقول: المنطق لي لا أشارك فيه.
وله تحقيقات لغوية بين فيها تحريفات شرح عليها الشنتمري أبياتا من ديوان الشعراء الستة
منها قول امرئي القيس:
عصافير وذبان ودود=وأجر من مجلجلة الذياب
شرحها الشنتمري وأجرأ "أفعل تفضيل" من الجرأة وفيه تعسف فقال الشيخ بل هو أجر جمع جرو معطوف علي عصافير.
ومنها قول زهير:
لها متاع وأعوان غرون بها=قتب وغرب اذا ما افرغ انسحقا
فالرواية "غدون" بالدال ولامعنى لها فقال الشيخ: بل هو "غرون" بالراء جمع (غر) بمعنى ملازم وصف لاعوان الي غير ذلك مما بينه رحمه الله من أبيات الديوان وغيره.
والتقى محنض باب بالعلامة النحوي محمد عالي الملقب (مع) بن سيد بن ساعيد هـ تلميذ عبد الودود بن عبد الل بن انجبنان الذي أخذ عن العلامة المختار بن بونا الجكني وكان محنض بابه يلاحظ علي قول ابن بونا في كلامه علي المبتدأ والخبر:
وارتفعا وانتصبا فيما انتظم = وخصص الفاعل وهو ملتزم
فكان يرى أن صوابه ما التزم بما النافية والماضي المبني للمجهول، وكان محمد عالي يرى أن صوابه ملتزم بزنة اسم المفعول كما أثبت.
وعند وداعهما قال محنض بابه: عصر حان مشيب ينكت على عدم تخصيص الفاعل فقال محمد عالي : لعله مني أو منك. يعني أن التخصيص مقدر فقال محنض بابه: قالت نملة فقال محمد عالي: بقرة تكلمت وحصاة سبحت يشير إلي أن الاخبار بالمستحيل عادة مايسوغ الابتداء بالنكرة غير المخصصة فكذلك الامر في الفاعل.
وإلي مسوغات الابتداء بالنكرة غير المخصصة أشار ابن بونا بقوله تذييلا لقول الخلاصة:
“وليقس مالم يقل”:
كعطف صالح للابتدا على=منكر والعكس هكذا انجلى
إبهامها الاخبار بالمحـــال=وكونها مبتــدءا في الحال
واجتمع محنض باب وهو شاب لم يطر شاربه بالعلامة الكبير المختار بن بونه وكان المختار بن بونه يقيم أول حياته في القبيلة وهو يومئذ يسأل عن الشاهد في قول ذي الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت=أعاليها مر الرياح النواسم
وقد روى البيت "من" بنون معجمة فقال محنض بابه متسائلا وبالبديهة لعلها "مر بالراء" المهملة فاعجب العلامة ابن بونه بالشاب الصغير الذي حل مشكلة طافت حول عشرات العلماء دون أن تظفر بحل والبيت أورده أحد شرح التسهيل شاهدا لتانيث الفعل بتانيث ما أضيف إليه فاعله. قال في الخلاصة:
وربما اكسب ثان أولا=تانيثا ان كان لحذف موهلا
وإنما يقوم الشاهد بالتصويب الذي اقترحه محنض باب
ومحنض باب مؤلفاته كثيرة شهيرة، وقد اشتهر بصحة الفهم وكاد يكون مجتهدا لولا ما في المنتبذ القصي من لزوم التقليد وخاض الكثير من المساجلات والمباحثات العلمية: من اشهرها مسألة راجع الوقف التي أثارت خلافا واسعا بين علماء ذلك العصر وقد كان النقاش حولها حادا بين محنض باب وباب بن أحمد بيبه من جهة وبين حرمه بن عبد الجليل وادييجه الكمليلي من جهة.
ولقي محنض باب محمد محمود بن حبيب الله بن القاضي الايجيجبي واتفقا فيما بحثاه من مسائل الفقه ماعدا ثلاث مسائل:
منها المحار الذي قال محمد محمود بجواز التيمم عليه لانه من جنس التراب بدليل أن الارض لاتاكلها ورد عليه محنض بابه بأن عجب الذنب لاتاكله الارض ولا يتيمم به.
ومنها التربة اللاصقة بالجبهة فقد قال محمد محمود انها غير حائل لأنها من جنس التراب وقال محنض بابه انها حائل.
ومنها الخمر المخلل بصنعة قال محمد محمود انه مثل المتخلل بنفسه وخالفه محنض بابه.
وانهدمت بير علي حافر كان يحفر فافتى محنض باب بأن الدية علي الذي كان يرفع التراب فقال أحمد بابا بن حامدت من "ايدكبال " إن علي رافع التراب نصف الدية لان المتوفي أعان علي نفسه بقبول الحفر. فقال محنض بابه نقضت فتواي فقال: لم أنقضها ولكني أعلم منك بشأن الآبار.
ومنها مسألة الحلف بالحرام وهذه المسالة كغيرها من المسائل جرت فيها مساجلات بين محنض بابه ولد اعبيد وبين حبيب الله بن الأمين ابن الحاج الشقروي حول شخص حلف بالحرام وجامع الأيمان ثم حنث ما يلزمه وقد أفتى محنض باب بأن زوجته قد حرمت عليه بتاتا وأفتى حبيب الله بأنه لا يلزمه سوى طلقة رجعية واحدة
ومنها النازلة التندغية :
وهي في الجنايات تجابه فيها بطنان مالكيان من تندغة هما: أهل أبابك وأهل آبيرى.
وكان ابن متالي يعضد أهل أبابك في حين كان منافسوه "اركاكنه " يقفون إلى جانب أهل آبيرى، وقد بدأ هذا الصراع بغارات أهل آبيرى على أهل أبابك تولد عنها قتلى في صفوف الطرفين قررا بعدها تحكيم ابن متالي لحل نزاعهما.
إلا أن طغيان النزعة الثأرية على مستوى العصبيات المتصارعة والأحداث التي تلت عمليات التحكيم أفشلت جهود ابن متالي لنزع فتيل ذلك النزاع الذي اعتبر طرفا في إحدى منعرجاته الكثيرة فقد أبرم الصلح بين الطرفين وأرسل رجالا من أهل أبابك في طلب الوفاء بشروطه. وفي حادث عارض قتل أحد أعضاء الوفد "محمذن ولد سيد أحمد الأبابكي" محمد فال بن احمتك الأبيري ليزداد النزاع تعقيدا وترفع القضية من جديد إلى محنض بابه قاضي الأمير للفصل بين الخصماء في محصر محمد لحبيب وقد أصدر محنض باب حكما بقتل محمذن ولد سيد أحمد قصاصا وكاد أن ينفذ فيه ذلك الحد لولا تدخل شيخه ونصير القوم محمذن فال بن متالي ونقضه حكم محنض باب في فتوى مشهورة يقول فيها: "... إن محمذن ولد سيد أحمد لا يتناوله قصاص في الدنيا ولا عموم وعيد في العقبى لأنه عدل عن آلة تصمي إلى آلة لا تصمي" وهذه واحدة من القضايا التي خرج فيها قضاة المنتبذ على مشهور المذهب المالكي لأن ابن متالي هنا كيّف القتل على أنه شبه خطإ والمالكية لا يوجد عندهم إلا قتل عمد أو خطأ "وإن كان بعض العلماء الأندلسيين يوجد عندهم شبه الخطإ في القتل ربما يكون ولد متالي هنا قلدهم، وقد آل الأمر في النهاية إلى رجوع محنض باب عن موقفه وتبني رأي ابن متالي.
وكان دليل محنض باب للقصاص تعمد الضرب المسبب للموت وقد قال خليل: «وقتل بما قتل به وإن بقضيب، فطلب "أهل أبابك" تأجيل التنفيذ حتى ينظر ابن متالي فنظر ابن متالي إلى هذا القتل على أنه ليس عمدا محضا وإنما هو خطأ أشبه العمد ، وقد استدل العلامة باب بن أحمد بيب العلوي على عدم القصاص بقوله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه} لأن موسى لم يرد القتل بالوكزة وإنما حصل القتل بسببها فلم يقل الله سبحانه وتعالى "وقتله موسى"، وهذا استدلال جيد وإن كان فيه خروج على المذهب أيضا
وقدكتب ابن متالي التسليم بما حكم به محنض باب من القسامة وقال مخاطبا إياه "لكن إذا كان الحكم عندك بخلاف ذلك وأنه لا بد من القسامة على واحد فأعلم أنا مقلدوك ومسلمون لما تحكم به، أحكم بما أراك الله وحث محمد الحبيب على تنفيذ حكم القاضي محنض بابه.
وهكذا رجع كل من الشيخين إلى رأي الآخر في أحد مظاهر تطورات هذا النزاع فمحنض بابه رجع إلى رأي ابن متالي في قضية القتل غير العمد وحكم بالدية ورجع ابن متالي إلى حكم محنض بابه في أمر القسامة".
أما لولي بن اليعقوبي التندغي فلم يرض عن الحكم فتبادل مع محنض بابه من جهة ومع ابن متالي من جهة أخرى رسائل في الموضوع.
ويذكر من أدبيات هذا النزاع أن محنض بابه عندما جلس في قضية تندغة عامل الشيخ ابن متالي وهو من هو معاملة خصمه فلم يقم إليه عند دخوله المجلس كما كانت عادته معه في السابق، وأن محمذن ولد سيد أحمد الذي حكم عليه القاضي محنض باب بالقصاص رثى محنض بابه بعد وفاته
/
ومنها النازلة الغلامية
وهذه النازلة هي عبارة عن استلحاق محمذن ولد الكوري لابن أمته وهي النازلة المعروفة في الوسط الديماني بالنازلة الغلامية التي رفعت إلى أحمد ولد العاقل فحكم فيها بلحوق الغلام لابن الكوري بعد وفاته وهذا نص حكم أحمد ولد العاقل : "الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد فقد ترافع إلي محمد ولد أحمد ولد حرمه وأبوبكر ولد سيدي ولد حرمه في شأن غلام ادعى الأول أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه رحمه الله استلحقه وأنكر الثاني فألزمت المدعي البينة فأتى بشاهدي عدل على الاستفراش وهما: محمد ولد أحمد ولد عبد الله وزين ولد الغالي وآخرين على الاستلحاق وهما المصطف ولد أعبيد بن محمود لله والزيغم ولد عاش قرنا وعدول كثيرون شهدوا على القطع بأنه ولده لحصول العلم لهم بالقرائن بذلك، وبسبب القرائن البينة كتسميته باسم جده وحمرة لونه والعق عنه بثلاث شياه وغير ذلك، ومنهم أي العدول محمد القرشي ولد ألمين بن أحمد بن يحي ومحمد فال بن والد ومحمد كم ولد الفاضل وعبد الله جنك، فأعذرت للمشهود عليه في الشهود فلم يبد مطعنا فحكمت بلحوقه بعد مشورة العلماء من أهل البدل كالمختار ولد محمذن ولد المختار ومحنض بابه ولد أعبيد وغيرهم"
وقد عارضت هذا الحكم جماعة من أبناء عمومة الرجل منهم بكي ولد سيدي ولد حرمه في مرحلة أولى ووافقه جماعة من علماء المنطقة منهم محمذن فال بن متالي وغيرهم، ومحنض بابه في مرحلة ثانية.
أما محنض باب الذي ذكر أحمد بن العاقل أنه استشاره فإن له موقفا آخر من هذا النزاع فهو يرى عدم اللحوق ويفصل ذلك في مكتوب يبعث به للشيخ سيدي بن المختار الهيبه ليطلعه فيها على رقية المختار وهو الغلام. الذي دار حوله النزاع وكان المختار هذا ينوي التزوج في قبيلة الشيخ سيديا أو تزوج بالفعل كما يفهم من رسالة الشيخ سيدي الجوابية ومن رسالة محنض بابه إلى الشيخ سيدي :
" .. موجبه الاستغاثة إلى الله ثم إليكم في ملمة ألمت وطامة طمت وهي أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه ترك ابنة وعبيدا منهم أمة متزوجة لها ولد لم ينفه أبوه فلما لم يترك سيدها ولدا ادعت أم السيد وأقاربها أن ذلك الولد من محمذن ولد الكوري واحتجوا بحجج منها شهادة رجل أنه عاينه يستمتع بأمته ومنها قرائن على أنه ولده فرفع ذلك إلى الشيخ أحمد ولد العاقل ، ولم يقبل تلك الحجج لضعفها عنده واحتج بقول خليل: "وإنما يستلحق الأب مجهول النسب" وأمر أولاد حرمه بقسمة التركة وأبقاه على الرق وذلك حكم عند ابن القاسم لايجوز نقضه، فلما قسموا المال وقع الغلام في نصيب بنت محمذن ولد الكوري وبقي كذلك نحو ثلاث عشرة سنة ثم قام سيد أحمد ولد حبيب الله ولفق حججا أيضا فأصغى الشيخ أحمد ولد العاقل لحججه ومنها شهادة من لم يرفع في تلك السنين ويرى أم الولد تستخدم وفي حق الله تجب المبادرة بالإمكان.
وقد نصوا على أن من لم يبادر يقدح ذلك في شهادته ولا يعذر بالجهل كما في التوضيح عند ذكر سكوت البكر ونظم الزقاق للقواعد ولما أصغى الشيخ لتلك الحجج قال إن الغلام لمحمذن ولد الكوري بل حكم بذلك فجعل أهل حرمه ومن نصرهم ذلك حجة يدفعون بها من يطلب حقه من تركة بنت محمذن ولد الكوري وذلك إن ثبت منقوض لمخالفته نص قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش..." أي لصاحب الفراش ولا خفاء أن الزوجة فراش لزوجها إلى أن يقول والحكم بلحوق هذا الغلام لمحمذن ولد الكوري نقضه أحمدو فال بن محمذن فال الموسوي بسبب مخالفته للنص السابق ونقضه محمذن فال بن متالي وسلم له أحمد محمود التندغي وسيد أحمد ولد محنض ولد خاديل، و محمذن ولد الكوري لو ثبت أنه وطئها بعد استبرائها من زوجها وولدت لستة أشهر فأكثر من وطء السيد فإذا علم هذا فابنة محمذن ولد الكوري التي هي سيدة الغلام تركت زوجا وأما وبنيها فورثت الأم وبنوها نصف الغلام فإذا كان لهم حق في فسخ نكاحه فقد فسخوه ومعلوم أن مالك بعض العبد له رد نكاحه انتهى.
ثم جاء جواب الشيخ سيدي باسم جماعة أهل محنض نلله من أولاد مرابط مكه ابن ابيري أخوال محمذن ولد الكوري في رسالة مطولة مليئة بالنصح والإرشاد لإصلاح ذات البين ثم يعود بعد ذلك إلى حكم أحمد ولد العاقل فيقول ثم لتعلموا أن حكم القاضي العالم العادل المجمع في عصره على جلالته وتقدمه في خطة القضاء والفصل بين الخصماء لسنا ممن يتعرض عليه ولا يعترض في شيء من الأشياء عليه لكوننا لسنا من رجال ذلك الشان ولامن فرسان ذلك الميدان مع العلم أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في منتقصيهم معلومة وأما نكاح بنت عبد الله ولد حيبلله ولد العالم فالأمر فيه عند أهلها كالعدم في جنب استرقاق بعلها بل يقال في جدار ذلك لدى التخريب ما يقال في مثقال الذيب، انتهى.
واشتهر هذا النزاع بنزاع الغلام أو المسألة الغلامية ويذكر أنه بمناسبة هذا النزاع قال محنض بابه إن حكم أحمد ولد العاقل منتقض لعدم صحة قضاء الأعمى وكان الشيخ أحمد بن العاقل قد كف بصره آنذاك فرد عليه أحمد بن العاقل بأن ذلك مقيد بوجود المثل ملمحا إلى أن الشيخ محنض باب لم يبلغ مرتبته بعد مع العلم بأن سلامة البصر والسمع واللسان من شروط التمادي والاستمرار لا من شروط الصحة بمعنى أن القاضي إذا عمي يجب عزله عن القضاء ولكن أحكامه تنفذ لأنها صحيحة عند المالكية وأما عند الأئمة الباقين فإنها شروط صحة عندهم لازمة لصحة أحكام القاضي وحكي هذا القول عند بعض المالكية[ وهذه واحدة من تلك المسائل التي خرج فيها قضاة وعلماء المنتبذ على مشهور المذهب المالكي
ومن أحكامه حكمه بفسخ شراء حصة من بئر انتمركاي وهي بئر لأولاد ديمان بمنطقة ايكيدي تبعد حوالي أربعين كلومتر شمال شرق المذرذرة :
قال محنض باب: "الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وأصحابه، وبعد فإن من القواعد التي بني عليها الفقه قولهم الضرر يزال وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار " اختلف في قوله لا ضرار هل هو تأكيد لما قبله في النهي عن الإضرار ومعنى الأول لا تضر من لم يضرك ومعنى الثاني لا تضر من ضرك فعلى هذا كل ما فيه إضرار أو ضرر أو ضرار منهي عنه عقدا كان أو غيره والعقد المنهي عنه فاسد يفسخ قال الشيخ خليل "وفسخ منهي عنه إلا بدليل" وما اتفق عليه الشافعية والمالكية أن النهي يقتضي الفساد
ولا يخفى أن شراء الحسن لربع انتمركاي من المرداني إنما قصد به إضرار آل الكوري ولد قطرب لما بينهم، من العداوة فما حكم به سيد أحمد ولد م محم فسخ ذلك الشراء صواب.
وكذا حكمه بأن المرداني يبقى له ما أخذ من الحسن ويدفع آل الغلاوي للحسن قيمة ما دفع المرداني لأن ما أخذ المرداني قد اختاره عن نصيبه من انتمركاي فلا ضرر عليه في ذلك والحسن ليس له إلا قيمة ما دفع ولا ضرر عليه في أخذه من غير المرداني بل أرفق أخذه من آل الغلاوي لأن تمكنه منهم أشد من تمكنه من المرداني وكذا ذكر الخرشي وعبد الباقي في باب الشفعة عند قول خليل "وكتابة ودين" أن الدين إن بيع لعدو فالمدين أحق به لدفع الضرر ومما يشهد لما حكم به سيد أحمد من بقاء ما أخذه المردان له ودفع قيمته للحسن مسألة ورثة المشتري بالخيار إذا رد بعضهم وأجاز بعض فإن الاستحسان أخذ المجيز جميع السلعة ويدفع جميع الثمن للبائع ليرتفع عن البائع ضرر التبعيض ولا ضرر على أحد في ذلك لأنه بقي لمن رد، ماله وأخذ البائع مثل الثمن الذي باع به.
فدعوى أن ما فعله سيد أحمد لا نظير له في الفقه قصور نظر وكذا دعوى أن فسخ العقد للعدواة خاص ببيع الدين لعدو، فإنه يفسخ كل عقد فيه ضرر كتفرق أم من ولد لم يثغر وتوكيل عدو في خصومة وبيع غير الدين للعدو كبيع الدين له في الإضرار، والعقد لا يزال ضرره إلا بفسخه. فما حكم به سيد أحمد في شأن انتمركاي هو الصواب فلا يجوز له ولا لغيره نقضه هو الصواب ومن أفتى للحسن بفساد ذلك الحكم فقد أغراه على إضرار سيد أحمد وإضرار أهل الغلاوي والله حسيبه وتجب التوبة من ذلك والرجوع وبالله التوفيق لا رب غيره وهو حسبي ونعم الوكيل.
ومن أحكامه المستأنفة حكمه على عبد بالقتل قصاصا فطلب منه الأمير محمد لحبيب تأخير التنفيذ حتى ينظر – قاضي التمييز - محمذن فال بن متالي في الحكم ويعرف هل فيه مطعن أم لا؟ فطلب الأمير محمد لحبيب من محمذن فال بن متالي النظر في ذلك الحكم، فإذا بالعبد له ست أخوات كلهن حامل فقال ابن متال مخاطبا محنض بابه أما ترى أيها القاضي أنه عند قتل هذا العبد يمكن أن تنجر عن ذلك مفسدة أعظم من مفسدة عدم القصاص لأنه لو قتل لأجهضت أخواته الست وربما متن كلهن فينجر عن ذلك قتل اثنتي عشر نفسا فرضي الشيخ محنض بابه ووقف التنفيذ حتى تضع أخوات الرجل وبعد فترة رضي أولياء دم القتيل بالدية فتحملها الأمير محمد لحبيبب.
وقد اعترض العلامة فتى ولد سيدنا على حكم محنض باب لإدابلحسن بالقصاص من إيدوعلي في أعقاب يوم "لميلحة" فتوى يعبر عنوانها عن مضمونها بوضوح سماها "تنبيه العالم العلامة في موانع القصاص والقسامة" ، كما ناظره في القسامة العلامة محمد لولي بن اليعقوبي التندغي في شأن النازلة التندغية.
ويروى البراء بن بكي قال: اخبرني محمد لوليد بن عبد الله ابن المعلوم انه وقع عقد من سفيه محجور عليه من ابيه علي امرأة منهم ولم يقم عليه الا شاهد واحد وحصل منه حمل وفسخ الاب ووقعت مرافعة بين ابي الزوج واهل الزوجة علي محنض بابه بن اعبيد فحكم باللحوق.
ومحمد لوليد من فرقة ابي الزوج ولم يزل يبحث عن حكم اللحوق بشهادة شاهد واحد حتى وقف في المدونة علي أن الشاهد الواحد علي العقد لايلحق به الولد.
فجعل مرجعا في ذلك الموضع من المدونة واخذ صاحبا وركبا جملين وطافا في علماء إيكيدي وهما حاملان المدونة لينظرا هل يوجد مايخالفه أو ماهو أقوى منه أو يساويه فلم يجداه فذكر لهما محنض باب وهو غائب ببعض زوايا القبلة فتوجها اليه فلما اتياه وجداه نائما ضحى فلم يلبث حتي استيقظ فسلما عليه وسألهما عن الخبر مع أن الكتاب في يد محمد لوليد وفيه المرجع.
فنظر محنض بابه اليه فقال: الكتاب المدونة..؟
فقال محمد لوليد: نعم فقال له: المرجع في كتاب اللعان؟ فقال محمد لوليد: نعم وسؤالك لم؟
فأبى أن يجيبه فقال له محمد لوليد: ماتقول في هذا؟ فقال: لااجيبك حتى ناتي اهلنا فتوجهوا الي اهلهم فأتوهم ضحى ولم يلقه آخر ذلك اليوم فأتاه في اليوم الذي بعده ضحى آخذا ابن سهل فلما فتحه قال له: مالك رحمه الله تكلم علي المسألة في أربعة مواضع من المدونة وقوله في كتاب اللعان قوله المرجوع عنه.
فلما أراه ذلك قال له: لم لم تقل لي هذا أول وهلة؟ فقال له: للعين حظ.
قال ميلود في عيون الاصابة: وسمعت أحدهم قال له: خطاك بعضهم في بيت لك. فقال له رحمه الله ماكان ذلك عادتي لم يلحني احد قط إلا كان هو اللاحن فأي بيت خطأني فيه؟ قالوا في قولك: في أرجوزية:
ثم اسلم كما أصلـي=علي الرسول الخاتم المجلي
فإن تقديم “السلام” علي “الصلاة” خطأ فقال متضاحكا مما قال: وهل قدمته عليها؟ او ماقال الله تعالي: انا اوحينا اليك كما اوحينا الي نوح .. الآية، فهل كان النبي قبل نوح عليهما الصلاة والسلام؟ هذا جهل بمقاصد العرب.
ويقول تلميذه المختار بن الما اليدالي : كنت معه ذات ليلة مظلمة في أرض مجهلة فاشفقت من أن يضل الطريق فقال لي: إني لاأعترف لاحد بالتفوق علي في ثلاث خصال: منها ان المسودة لن تخفى علي بالغة مابلغت من الاشكال وتخالف الكلمات ومنها الهداية اي انه لم يضل قط طريقا وسترى ذلك في هذه الليلة فشاهد المختار اهتداءه الي الجهة المقصودة مع ظلمة الليل.
ومنها ثبات الجأش اي انه لم يرع من شيء قط وقد كان ذات ليلة يقود سانية عند بير بجوار مقبرة في ليلة مظلمة اذ زلقت قدماه في بلل وسمع صوتا مزعجا فثبت له فألفى البلل سلا أتان والدة والصوت نخيرها.
كان ملازما للذكر وأخذ الطريقة التيجانية ودافع عنها نثرا وشعرا .
توفي رحمه الله ليلة الأربعاء رابعة صفر الخير عام سبعة وسبعين ومائتين وألف، عن اثنتين وتسعين سنة.
كامل الود
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق