لماذا لا يتم سن قانون لتجريم خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض عليهما.
لعل أهمية القانون تكمن في كونه تابع في حركته لتطور المجتمع حيث تقوم الدولة بسن القوانين تبعا لحركة الظواهر الاجتماعية وانعكاساتها السلبية أو الايجابية، وهذه المرونة هي كنه فاعليته. ولا شك أن موريتانيا تعرف اليوم تقلبات اجتماعية عميقة، إن لم نقل
"زلزالا اجتماعيا" من أبرز مظاهره هذه الحراكات الفئوية والعنصرية التي تتغذى وتنشتر على حرية الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، المستغلة حد الفوضى، بسرعة لم يعد ممكنا معها التحكم في القيادة.لعل أهمية القانون تكمن في كونه تابع في حركته لتطور المجتمع حيث تقوم الدولة بسن القوانين تبعا لحركة الظواهر الاجتماعية وانعكاساتها السلبية أو الايجابية، وهذه المرونة هي كنه فاعليته. ولا شك أن موريتانيا تعرف اليوم تقلبات اجتماعية عميقة، إن لم نقل
وهنا ينبغي أن تلعب الدولة دور شرطي المرور لمنع الحوادث القاتلة. وقد يكون من وسائل الوقاية من حدوث ما لا تحمد عقباه سن قانون يجرم بصراحة وبصرامة الدعاية العنصرية والفئوية والقبلية والجهوية وكل مفهوم يقوض ثقافة "الدولة الوطنية" و"الامة الموريتانية" ويعاقب التحريض عليها ونشر خطاباتها بوسائل الاعلام والاجتماعات العامة والتجمعات الخاصة المؤطرة لها.
قد يقول العازفون على استغلال مبدأ حرية التعبير والاجتماع المضمونتين بنص الدستور أن قانونا كهذا يقوض الحريات ويعود بالبلد إلى زمن تكميم الافواه والحريات، ولهم نقول إن الحرية ما تعدت يوما المصحلة العليا للوطن إلا أوقفها القانون عند حدها، ولهم أيضا في قانون الصحافة الصادر في فرنسا عام 1924 والمنقح سنة 2000 مثال على ذلك. وتعج الديمقراطيات الغربية – إذ هي النموذج الوحيد الذي يضرب به المثل للأسف - بتشريعات تزجر كل تصرف من شأنه المساس بالقيم العليا للدولة مثل تجريم التحريض على الكراهية على أساس المعتقد أو اللون أو الاصل وتجريم السامية وتجريم إنكار المحرقة ... وغير ذلك مما يعتبر في منظورهم هم مبادئ لا يجوز المساس بها.
فكل دولة لها أن تقنن المسائل التي من شأن التلاعب والإفراط فيها إلى تهديد الوحدة الوطنية أو انسجام مكونات المجتمع أو النيل من حقوق بعض أفراده أو كرامتهم. ولا شك أن قاعدة "الوقاية خير من العلاج" منطبقة هنا بامتياز. فلو تصورنا أن مبدأ تجريم العبودية مثلا قد ورد في دستور 1959 وأن قانون تجريم العبودية الصادر سنة 2007 قد صدر سنة 1961، فهل كان لموضوع العبودية أن ينال أي اهتمام اليوم، اللهم إلا من باب التاريخ وسيئات الاستعمار. كذلك إن لم تيم وأد الدعايات التحريضية قبل فوات الأوان فإنها ستتطور دون شك إلى ما لا يمكن التنبؤ بعواقبه. ولكنها بالتأكيد تسير عكس تيارات اللحمة الوطنية والدولة الحديثة والمواطنة.
لذا اعتقد أن حماية هذه المبادئ من آكد واجبات الولة اليوم. وذلك من خلال قانون صارم مختصر دقيق يقوم على العناصر التالية:
- تذكير بالمكانة الدستورية للوحدة الوطنية وواجب الجميع في احترامها وعدم المساس بها، بل وحمايتها
- تعريف خطاب الكراهية والتحريض على العنصرية والفئوية تعريفا دقيقا ما أمكن.
- تعداد الافعال التي تشكل خطابا أو تحريضا على العنصرية والفئوية ووسائل نشرها وبثها الإقناع بها
- وضع عقوبات زاجرة لهذه الافعال، تتضمن الحبس والغرامة والمصادرة.
- اعتبار تزعم شبكات هذه الدعاية ظرفا مشددا.
الدكتور والقاضي: يعقوب ول آلويمين
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق