لنا عودة بل عودات إن شاء الله للتعليق على هذه السيرة
الغــــــــازي كــــزافيـيـه كـــبــــولاني... سيـــرة فـــــرنـسـيـة
ولد كزافييه كبولاني في قرية مارنيانا بجزيرة كورسيكا سنة 1863، وهي جزيرة منفصلة عن البر الفرنسي الرئيسي وسكانها إيطاليون في أصولهم، وإن كانت تتبع الدولة الفرنسية. وتتسم هذه الجزيرة بالفقر الشديد، ولذلك اشتهر أهاليها بالانخراط على أوسع نطاق في صفوف أجهزة الإدارة الاستعمارية الفرنسية من باب البحث عن لقمة العيش، لانعدام الفرص في جزيرتهم الأصلية. وكبقية سكان هذه الجزيرة ارتحل دومينيك كبولاني والد كزافييه في سنوات طفولة الأخير الأولى وراء فرص العمل في الإدارة الاستعمارية في الجزائر، حيث استقر بالأسرة المقام في منطقة سيدي مروان بإقليم قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، التي تلقى فيها كزافيه الطفل تعليمه، وتخرج من مدرسة المعلمين فيها.
وبعد التخرج التحق كزافييه بوظائف صغيرة في الإدارة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وفي سنة 1889 تم تعيينه كاتباً عاماً مزدوجاً لبلدية وادي شريف. وكانت تلك هي بدايات تشكيل مهاراته في التعامل مع الثقافة الإسلامية من موقع عملي، حيث رسخ معرفته باللغة العربية، وانخرط في قراءات واسعة، وبحوث عن الثقافة الإسلامية الصوفية خاصة، حيث نشر في سنة 1893 نبذة عن الطريقة الصوفية العمارية التي كانت سائدة في منطقة الواد.
وبسرعة لفت عمق معرفته بالطرق الصوفية والثقافة الإسلامية الأنظار إليه في صفوف الإدارة الاستعمارية، ولذلك تمت ترقيته في سنة 1896 ليتولى إدارة شؤون الأهالي والعسكريين في الجزائر العاصمة، حيث أصبح بذلك نائباً للإداري والباحث أوكتاف دوبون، الذي انخرط معه في كتابة دراسة معمقة عن "الطرق الدينية المسلمة"، نشرت في شكل كتاب ذائع الصيت اشتركا في تأليفه ونشر في سبتمبر 1898.
وتقوم الخلاصات التي انتهى إليها الباحثان كبولاني وديبون على أن الاستعمار الفرنسي لا يمكن أن تقوم له قائمة دون فهم عميق للثقافة والتقاليد المحلية، وذلك لضمان تفاهم متبادل بين الإدارة الاستعمارية والشعوب المستعمرة. وكان عنصر الجدة في طرح كبولاني هو تنظيره لضرورة إيجاد تقارب بين القوة الاستعمارية والمشايخ الدينيين، من أجل ضمان استمالة أكبر عدد ممكن من السكان المحليين، الذين يأتمرون بأوامر المشايخ، تحت طائلة الطاعة والتبعية لفرنسا.
وفي سنة 1901 قدم كبولاني "مشروع فرض السلم" في منطقة المغاربة "البيضان"، وهو مشروع تقبلته الحكومة الفرنسية بحماس. وفي تفاصيل هذا المشروع وحيثياته الفنية يستلهم كبولاني معظم الأفكار من "مخطط فرض السلم في مدغشقر" الذي أعده قبل ذلك بزمن قائد استعماري آخر هو جوزيف غاليني.
وبعدما ذاع صيت كبولاني في الجزائر كإداري مستعرب وصاحب نظرية في احتواء المجتمعات المسلمة، ورجل مدني شجاع وجذاب، حتى صار يلقب "المُغوي" Le Charmeur استدعاه الجنرال ترانتينيان للاستعانة بخبراته في مستعمرة السودان الفرنسي (مالي)، حيث أمضى سنتي 1898 و1899 في خدمته، وكانت تلك هي أول فرصة لتطبيق نظريته على أرض الواقع، فانطلق من سان لويس بسنغال إلى مالي ومشارف أراضي البيضان الشرقية والجنوبية، وتوغل في إقليم أزواد ودخل منطقة الحوض وولاتة، وقد "استقبله البيضان بحفاوة وقد بهرتهم قامته الفارعة، وأناقته، ولطفه، وخاصة معرفته بلغتهم ودينهم"، بحسب ما تقول جنفييف ديزيه- فيلمن كاتبة سيرته الذاتية، وقد تمكن خلال هذه المهمة من دخول تومبكتو، وإن كان قد أخفق في وصول منطقة أروان بأقصى شمال أزواد.
وبعد نجاح مهمته في مالي تم تعيين كبولاني مجدداً في إدارة الشؤون المسلمة في وزارة المستعمرات، ولاحقاً في المصلحة الخاصة بشؤون البيضان بالسنغال، حيث بدأ في العمل رأساً على تنفيذ سياسة "خطة مجموع تنظيم قبائل البيضان". وهكذا بالاستناد إلى خبراته السابقة، والاعتماد على تراكم جهود الإدارة الاستعمارية السابقة طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انطلق كبولاني في مشروع استعمار موريتانيا، حيث تمكن لأول مرة من تأسيس البنيات التحتية الأولى للوجود الفرنسي على الضفة اليسرى (الموريتانية) من نهر سنغال (صنهاجة)، حيث رسخ وجود فرنسا في إقليمي الترارزة في سنة 1903 والبراكنة في سنة 1904، ليتجه بعد ذلك إلى إقليم تكانت في سنة 1905 في طريقه إلى إقليم آدرار. وخلال فترة توغله في اتجاه تكانت اعتمد على دعم وحماس كبيرين من وزارة المستعمرات، والإدارة المركزية لأفريقيا الغربية الفرنسية بقيادة الوالي أرنست روم في السنغال.
وبعد توالي الاختراقات السياسية والميدانية التي حققها في مهمته بأراضي البيضان، فوضه الرئيس والدك روسو بتأسيس كيان جديد في الصحراء الغربية تحت تسمية "موريتانيا"، وقد صدر القرار بذلك في سنة 1904، مع إعطاءه كبولاني نفسه صفة المؤسس والحاكم الإداري العام.
وخلال أطوار عملية التأسيس ركز كبولاني اهتمامه على ثلاثة قادة روحيين كبار لهم مكانتهم في إقليم قبائل البيضان، هم الشيخ سيديا بابا، بما كان له من نفوذ روحي ومعنوي على إمارات الترارزة والبراكنة وتكانت. والشريف الشيخ سعد بوه، الذي ينتشر نفوذه الروحي والمعنوي على المنطقة الممتدة من تكانت إلى سنغال. والشريف الشيخ ماء العينين، وهو الأخ غير الشقيق للشيخ سعد بوه، وكان نفوذه الروحي وللمعنوي ممتداً أيضاً من إقليم آدرار إلى أقصى الشمال من أقاليم قبائل البيضان في الجنوب المغربي.
وقد ناهض الشيخ ماء العينين سابقيه الآخرين. وكما قال فيدرب بعد ذلك بقرابة خمسين سنة فإن مفتاح فرض السلام في موريتانيا يقع في إقليم آدرار. وقد اختار الشيخ ماء العينين طريق السلاح في المواجهة مع فرنسا، كما اعترف بسيادة ملك المغرب على موريتانيا (وهي دعوى ترددت كثيراً في القرن العشرين).
وفيما كان كزافييه كبولاني يعد العدة لحملته على إقليم آدرار، تعرض للاغتيال، في يوم 12 مايو 1905، ببلدة تجكجة بموريتانيا. وحسب الرواية الفرنسية الرسمية لسبب مقتله أن بعض القوى الأجنبية وبعض تجار سان لويس (السنغال) كانوا منخرطين في عمليات تهريب للسلاح، غير الشرعية. هذا إضافة إلى ضلوعهم في تجارة الرقيق، ولذلك كانت تلك الأطراف ضد فرض الاستقرار والتهدئة في هذه المنطقة!
لقد مات كبولاني وهو على ذراعي صديقه الوفي روبرت راندو، الذي حارب معه سوياً ضد الممارسات الاسترقاقية في السودان الفرنسي. ويوجد قبر كبولاني حتى الآن في تجكجة. وقد استمر الشيخ ماء العينين في تعبئة رجال دين آخرين، بدافع من وعود ملك المغرب. وفي سنة 1908 تولى العقيد "جورو" قيادة القوات العسكرية في أراضي الإقليم الموريتاني، المتأسس سنة 1904. وكانت تلك هي نهاية أطروحة كبولاني.
صدرت كتب ودراسات عديدة عن كزافييه كبولاني من أشهرها مؤخراً كتاب حفيده جورج كبولاني الذي أصدره سنة 2005 في مناسبة الذكرى المئة لمقتل عم جده وعنوانه ""كزافييه كبولاني، ابن كورسيكا، رجل أفريقيا"... ومن أبرز الكتب عن كزافييه كبولاني:
R. Randau, Un corse chez les hommes bleus : Xavier Coppolani, le pacificateur, Alger, A. Imbert, 1939, 72 pages
L. Frèrejean, Mauritanie, 1903-1911. Mémoires de randonnées et de guerre au pays des Beldanes, Karthala-CEHS, 1995
Georges Coppolani, Xavier Coppolani, Fils de Corse, Homme d'Afrique : Fondateur de la Mauritanie, L'Harmattan, octobre 2005, 212 pages, (ISBN 2-7475-9289-8)
Geneviève Désiré-Vuillemin, Mauritanie Saharienne (novembre 1903 à mai 1904) : suivi de L'opposition des traitants du Sénégal à l'action de Coppolani, L'Harmattan, septembre 1999, 184 pages, (ISBN 2-7384-8191-4)
Joseph Galliéni, Rapport d'ensemble sur la pacification, l'organisation et la pacification de Madagascar (octobre 1896, mars 1899), R. Laffont, 1990, 1020 pages
Philippe Decraene, François Zuccarelli, GRANDS SAHARIENS, à la découverte du désert des déserts, Denoël, L'aventure coloniale française, 1994, 270 pages
------
المصدر: معظم المعلومات مستمدة بسرعة من مصادر مفتوحة مثل ويكيبيديا الفرنسية.
لنا عودة بل عودات إن شاء الله للتعليق على هذه السيرة
الغــــــــازي كــــزافيـيـه كـــبــــولاني... سيـــرة فـــــرنـسـيـة
ولد كزافييه كبولاني في قرية مارنيانا بجزيرة كورسيكا سنة 1863، وهي جزيرة منفصلة عن البر الفرنسي الرئيسي وسكانها إيطاليون في أصولهم، وإن كانت تتبع الدولة الفرنسية. وتتسم هذه الجزيرة بالفقر الشديد، ولذلك اشتهر أهاليها بالانخراط على أوسع نطاق في صفوف أجهزة الإدارة الاستعمارية الفرنسية من باب البحث عن لقمة العيش، لانعدام الفرص في جزيرتهم الأصلية. وكبقية سكان هذه الجزيرة ارتحل دومينيك كبولاني والد كزافييه في سنوات طفولة الأخير الأولى وراء فرص العمل في الإدارة الاستعمارية في الجزائر، حيث استقر بالأسرة المقام في منطقة سيدي مروان بإقليم قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، التي تلقى فيها كزافيه الطفل تعليمه، وتخرج من مدرسة المعلمين فيها.
وبعد التخرج التحق كزافييه بوظائف صغيرة في الإدارة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وفي سنة 1889 تم تعيينه كاتباً عاماً مزدوجاً لبلدية وادي شريف. وكانت تلك هي بدايات تشكيل مهاراته في التعامل مع الثقافة الإسلامية من موقع عملي، حيث رسخ معرفته باللغة العربية، وانخرط في قراءات واسعة، وبحوث عن الثقافة الإسلامية الصوفية خاصة، حيث نشر في سنة 1893 نبذة عن الطريقة الصوفية العمارية التي كانت سائدة في منطقة الواد.
وبسرعة لفت عمق معرفته بالطرق الصوفية والثقافة الإسلامية الأنظار إليه في صفوف الإدارة الاستعمارية، ولذلك تمت ترقيته في سنة 1896 ليتولى إدارة شؤون الأهالي والعسكريين في الجزائر العاصمة، حيث أصبح بذلك نائباً للإداري والباحث أوكتاف دوبون، الذي انخرط معه في كتابة دراسة معمقة عن "الطرق الدينية المسلمة"، نشرت في شكل كتاب ذائع الصيت اشتركا في تأليفه ونشر في سبتمبر 1898.
وتقوم الخلاصات التي انتهى إليها الباحثان كبولاني وديبون على أن الاستعمار الفرنسي لا يمكن أن تقوم له قائمة دون فهم عميق للثقافة والتقاليد المحلية، وذلك لضمان تفاهم متبادل بين الإدارة الاستعمارية والشعوب المستعمرة. وكان عنصر الجدة في طرح كبولاني هو تنظيره لضرورة إيجاد تقارب بين القوة الاستعمارية والمشايخ الدينيين، من أجل ضمان استمالة أكبر عدد ممكن من السكان المحليين، الذين يأتمرون بأوامر المشايخ، تحت طائلة الطاعة والتبعية لفرنسا.
وفي سنة 1901 قدم كبولاني "مشروع فرض السلم" في منطقة المغاربة "البيضان"، وهو مشروع تقبلته الحكومة الفرنسية بحماس. وفي تفاصيل هذا المشروع وحيثياته الفنية يستلهم كبولاني معظم الأفكار من "مخطط فرض السلم في مدغشقر" الذي أعده قبل ذلك بزمن قائد استعماري آخر هو جوزيف غاليني.
وبعدما ذاع صيت كبولاني في الجزائر كإداري مستعرب وصاحب نظرية في احتواء المجتمعات المسلمة، ورجل مدني شجاع وجذاب، حتى صار يلقب "المُغوي" Le Charmeur استدعاه الجنرال ترانتينيان للاستعانة بخبراته في مستعمرة السودان الفرنسي (مالي)، حيث أمضى سنتي 1898 و1899 في خدمته، وكانت تلك هي أول فرصة لتطبيق نظريته على أرض الواقع، فانطلق من سان لويس بسنغال إلى مالي ومشارف أراضي البيضان الشرقية والجنوبية، وتوغل في إقليم أزواد ودخل منطقة الحوض وولاتة، وقد "استقبله البيضان بحفاوة وقد بهرتهم قامته الفارعة، وأناقته، ولطفه، وخاصة معرفته بلغتهم ودينهم"، بحسب ما تقول جنفييف ديزيه- فيلمن كاتبة سيرته الذاتية، وقد تمكن خلال هذه المهمة من دخول تومبكتو، وإن كان قد أخفق في وصول منطقة أروان بأقصى شمال أزواد.
وبعد نجاح مهمته في مالي تم تعيين كبولاني مجدداً في إدارة الشؤون المسلمة في وزارة المستعمرات، ولاحقاً في المصلحة الخاصة بشؤون البيضان بالسنغال، حيث بدأ في العمل رأساً على تنفيذ سياسة "خطة مجموع تنظيم قبائل البيضان". وهكذا بالاستناد إلى خبراته السابقة، والاعتماد على تراكم جهود الإدارة الاستعمارية السابقة طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انطلق كبولاني في مشروع استعمار موريتانيا، حيث تمكن لأول مرة من تأسيس البنيات التحتية الأولى للوجود الفرنسي على الضفة اليسرى (الموريتانية) من نهر سنغال (صنهاجة)، حيث رسخ وجود فرنسا في إقليمي الترارزة في سنة 1903 والبراكنة في سنة 1904، ليتجه بعد ذلك إلى إقليم تكانت في سنة 1905 في طريقه إلى إقليم آدرار. وخلال فترة توغله في اتجاه تكانت اعتمد على دعم وحماس كبيرين من وزارة المستعمرات، والإدارة المركزية لأفريقيا الغربية الفرنسية بقيادة الوالي أرنست روم في السنغال.
وبعد توالي الاختراقات السياسية والميدانية التي حققها في مهمته بأراضي البيضان، فوضه الرئيس والدك روسو بتأسيس كيان جديد في الصحراء الغربية تحت تسمية "موريتانيا"، وقد صدر القرار بذلك في سنة 1904، مع إعطاءه كبولاني نفسه صفة المؤسس والحاكم الإداري العام.
وخلال أطوار عملية التأسيس ركز كبولاني اهتمامه على ثلاثة قادة روحيين كبار لهم مكانتهم في إقليم قبائل البيضان، هم الشيخ سيديا بابا، بما كان له من نفوذ روحي ومعنوي على إمارات الترارزة والبراكنة وتكانت. والشريف الشيخ سعد بوه، الذي ينتشر نفوذه الروحي والمعنوي على المنطقة الممتدة من تكانت إلى سنغال. والشريف الشيخ ماء العينين، وهو الأخ غير الشقيق للشيخ سعد بوه، وكان نفوذه الروحي وللمعنوي ممتداً أيضاً من إقليم آدرار إلى أقصى الشمال من أقاليم قبائل البيضان في الجنوب المغربي.
وقد ناهض الشيخ ماء العينين سابقيه الآخرين. وكما قال فيدرب بعد ذلك بقرابة خمسين سنة فإن مفتاح فرض السلام في موريتانيا يقع في إقليم آدرار. وقد اختار الشيخ ماء العينين طريق السلاح في المواجهة مع فرنسا، كما اعترف بسيادة ملك المغرب على موريتانيا (وهي دعوى ترددت كثيراً في القرن العشرين).
وفيما كان كزافييه كبولاني يعد العدة لحملته على إقليم آدرار، تعرض للاغتيال، في يوم 12 مايو 1905، ببلدة تجكجة بموريتانيا. وحسب الرواية الفرنسية الرسمية لسبب مقتله أن بعض القوى الأجنبية وبعض تجار سان لويس (السنغال) كانوا منخرطين في عمليات تهريب للسلاح، غير الشرعية. هذا إضافة إلى ضلوعهم في تجارة الرقيق، ولذلك كانت تلك الأطراف ضد فرض الاستقرار والتهدئة في هذه المنطقة!
لقد مات كبولاني وهو على ذراعي صديقه الوفي روبرت راندو، الذي حارب معه سوياً ضد الممارسات الاسترقاقية في السودان الفرنسي. ويوجد قبر كبولاني حتى الآن في تجكجة. وقد استمر الشيخ ماء العينين في تعبئة رجال دين آخرين، بدافع من وعود ملك المغرب. وفي سنة 1908 تولى العقيد "جورو" قيادة القوات العسكرية في أراضي الإقليم الموريتاني، المتأسس سنة 1904. وكانت تلك هي نهاية أطروحة كبولاني.
صدرت كتب ودراسات عديدة عن كزافييه كبولاني من أشهرها مؤخراً كتاب حفيده جورج كبولاني الذي أصدره سنة 2005 في مناسبة الذكرى المئة لمقتل عم جده وعنوانه ""كزافييه كبولاني، ابن كورسيكا، رجل أفريقيا"... ومن أبرز الكتب عن كزافييه كبولاني:
R. Randau, Un corse chez les hommes bleus : Xavier Coppolani, le pacificateur, Alger, A. Imbert, 1939, 72 pages
L. Frèrejean, Mauritanie, 1903-1911. Mémoires de randonnées et de guerre au pays des Beldanes, Karthala-CEHS, 1995
Georges Coppolani, Xavier Coppolani, Fils de Corse, Homme d'Afrique : Fondateur de la Mauritanie, L'Harmattan, octobre 2005, 212 pages, (ISBN 2-7475-9289-8)
Geneviève Désiré-Vuillemin, Mauritanie Saharienne (novembre 1903 à mai 1904) : suivi de L'opposition des traitants du Sénégal à l'action de Coppolani, L'Harmattan, septembre 1999, 184 pages, (ISBN 2-7384-8191-4)
Joseph Galliéni, Rapport d'ensemble sur la pacification, l'organisation et la pacification de Madagascar (octobre 1896, mars 1899), R. Laffont, 1990, 1020 pages
Philippe Decraene, François Zuccarelli, GRANDS SAHARIENS, à la découverte du désert des déserts, Denoël, L'aventure coloniale française, 1994, 270 pages
------
المصدر: معظم المعلومات مستمدة بسرعة من مصادر مفتوحة مثل ويكيبيديا الفرنسية.
الغــــــــازي كــــزافيـيـه كـــبــــولاني... سيـــرة فـــــرنـسـيـة
ولد كزافييه كبولاني في قرية مارنيانا بجزيرة كورسيكا سنة 1863، وهي جزيرة منفصلة عن البر الفرنسي الرئيسي وسكانها إيطاليون في أصولهم، وإن كانت تتبع الدولة الفرنسية. وتتسم هذه الجزيرة بالفقر الشديد، ولذلك اشتهر أهاليها بالانخراط على أوسع نطاق في صفوف أجهزة الإدارة الاستعمارية الفرنسية من باب البحث عن لقمة العيش، لانعدام الفرص في جزيرتهم الأصلية. وكبقية سكان هذه الجزيرة ارتحل دومينيك كبولاني والد كزافييه في سنوات طفولة الأخير الأولى وراء فرص العمل في الإدارة الاستعمارية في الجزائر، حيث استقر بالأسرة المقام في منطقة سيدي مروان بإقليم قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، التي تلقى فيها كزافيه الطفل تعليمه، وتخرج من مدرسة المعلمين فيها.
وبعد التخرج التحق كزافييه بوظائف صغيرة في الإدارة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وفي سنة 1889 تم تعيينه كاتباً عاماً مزدوجاً لبلدية وادي شريف. وكانت تلك هي بدايات تشكيل مهاراته في التعامل مع الثقافة الإسلامية من موقع عملي، حيث رسخ معرفته باللغة العربية، وانخرط في قراءات واسعة، وبحوث عن الثقافة الإسلامية الصوفية خاصة، حيث نشر في سنة 1893 نبذة عن الطريقة الصوفية العمارية التي كانت سائدة في منطقة الواد.
وبسرعة لفت عمق معرفته بالطرق الصوفية والثقافة الإسلامية الأنظار إليه في صفوف الإدارة الاستعمارية، ولذلك تمت ترقيته في سنة 1896 ليتولى إدارة شؤون الأهالي والعسكريين في الجزائر العاصمة، حيث أصبح بذلك نائباً للإداري والباحث أوكتاف دوبون، الذي انخرط معه في كتابة دراسة معمقة عن "الطرق الدينية المسلمة"، نشرت في شكل كتاب ذائع الصيت اشتركا في تأليفه ونشر في سبتمبر 1898.
وتقوم الخلاصات التي انتهى إليها الباحثان كبولاني وديبون على أن الاستعمار الفرنسي لا يمكن أن تقوم له قائمة دون فهم عميق للثقافة والتقاليد المحلية، وذلك لضمان تفاهم متبادل بين الإدارة الاستعمارية والشعوب المستعمرة. وكان عنصر الجدة في طرح كبولاني هو تنظيره لضرورة إيجاد تقارب بين القوة الاستعمارية والمشايخ الدينيين، من أجل ضمان استمالة أكبر عدد ممكن من السكان المحليين، الذين يأتمرون بأوامر المشايخ، تحت طائلة الطاعة والتبعية لفرنسا.
وفي سنة 1901 قدم كبولاني "مشروع فرض السلم" في منطقة المغاربة "البيضان"، وهو مشروع تقبلته الحكومة الفرنسية بحماس. وفي تفاصيل هذا المشروع وحيثياته الفنية يستلهم كبولاني معظم الأفكار من "مخطط فرض السلم في مدغشقر" الذي أعده قبل ذلك بزمن قائد استعماري آخر هو جوزيف غاليني.
وبعدما ذاع صيت كبولاني في الجزائر كإداري مستعرب وصاحب نظرية في احتواء المجتمعات المسلمة، ورجل مدني شجاع وجذاب، حتى صار يلقب "المُغوي" Le Charmeur استدعاه الجنرال ترانتينيان للاستعانة بخبراته في مستعمرة السودان الفرنسي (مالي)، حيث أمضى سنتي 1898 و1899 في خدمته، وكانت تلك هي أول فرصة لتطبيق نظريته على أرض الواقع، فانطلق من سان لويس بسنغال إلى مالي ومشارف أراضي البيضان الشرقية والجنوبية، وتوغل في إقليم أزواد ودخل منطقة الحوض وولاتة، وقد "استقبله البيضان بحفاوة وقد بهرتهم قامته الفارعة، وأناقته، ولطفه، وخاصة معرفته بلغتهم ودينهم"، بحسب ما تقول جنفييف ديزيه- فيلمن كاتبة سيرته الذاتية، وقد تمكن خلال هذه المهمة من دخول تومبكتو، وإن كان قد أخفق في وصول منطقة أروان بأقصى شمال أزواد.
وبعد نجاح مهمته في مالي تم تعيين كبولاني مجدداً في إدارة الشؤون المسلمة في وزارة المستعمرات، ولاحقاً في المصلحة الخاصة بشؤون البيضان بالسنغال، حيث بدأ في العمل رأساً على تنفيذ سياسة "خطة مجموع تنظيم قبائل البيضان". وهكذا بالاستناد إلى خبراته السابقة، والاعتماد على تراكم جهود الإدارة الاستعمارية السابقة طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انطلق كبولاني في مشروع استعمار موريتانيا، حيث تمكن لأول مرة من تأسيس البنيات التحتية الأولى للوجود الفرنسي على الضفة اليسرى (الموريتانية) من نهر سنغال (صنهاجة)، حيث رسخ وجود فرنسا في إقليمي الترارزة في سنة 1903 والبراكنة في سنة 1904، ليتجه بعد ذلك إلى إقليم تكانت في سنة 1905 في طريقه إلى إقليم آدرار. وخلال فترة توغله في اتجاه تكانت اعتمد على دعم وحماس كبيرين من وزارة المستعمرات، والإدارة المركزية لأفريقيا الغربية الفرنسية بقيادة الوالي أرنست روم في السنغال.
وبعد توالي الاختراقات السياسية والميدانية التي حققها في مهمته بأراضي البيضان، فوضه الرئيس والدك روسو بتأسيس كيان جديد في الصحراء الغربية تحت تسمية "موريتانيا"، وقد صدر القرار بذلك في سنة 1904، مع إعطاءه كبولاني نفسه صفة المؤسس والحاكم الإداري العام.
وخلال أطوار عملية التأسيس ركز كبولاني اهتمامه على ثلاثة قادة روحيين كبار لهم مكانتهم في إقليم قبائل البيضان، هم الشيخ سيديا بابا، بما كان له من نفوذ روحي ومعنوي على إمارات الترارزة والبراكنة وتكانت. والشريف الشيخ سعد بوه، الذي ينتشر نفوذه الروحي والمعنوي على المنطقة الممتدة من تكانت إلى سنغال. والشريف الشيخ ماء العينين، وهو الأخ غير الشقيق للشيخ سعد بوه، وكان نفوذه الروحي وللمعنوي ممتداً أيضاً من إقليم آدرار إلى أقصى الشمال من أقاليم قبائل البيضان في الجنوب المغربي.
وقد ناهض الشيخ ماء العينين سابقيه الآخرين. وكما قال فيدرب بعد ذلك بقرابة خمسين سنة فإن مفتاح فرض السلام في موريتانيا يقع في إقليم آدرار. وقد اختار الشيخ ماء العينين طريق السلاح في المواجهة مع فرنسا، كما اعترف بسيادة ملك المغرب على موريتانيا (وهي دعوى ترددت كثيراً في القرن العشرين).
وفيما كان كزافييه كبولاني يعد العدة لحملته على إقليم آدرار، تعرض للاغتيال، في يوم 12 مايو 1905، ببلدة تجكجة بموريتانيا. وحسب الرواية الفرنسية الرسمية لسبب مقتله أن بعض القوى الأجنبية وبعض تجار سان لويس (السنغال) كانوا منخرطين في عمليات تهريب للسلاح، غير الشرعية. هذا إضافة إلى ضلوعهم في تجارة الرقيق، ولذلك كانت تلك الأطراف ضد فرض الاستقرار والتهدئة في هذه المنطقة!
لقد مات كبولاني وهو على ذراعي صديقه الوفي روبرت راندو، الذي حارب معه سوياً ضد الممارسات الاسترقاقية في السودان الفرنسي. ويوجد قبر كبولاني حتى الآن في تجكجة. وقد استمر الشيخ ماء العينين في تعبئة رجال دين آخرين، بدافع من وعود ملك المغرب. وفي سنة 1908 تولى العقيد "جورو" قيادة القوات العسكرية في أراضي الإقليم الموريتاني، المتأسس سنة 1904. وكانت تلك هي نهاية أطروحة كبولاني.
صدرت كتب ودراسات عديدة عن كزافييه كبولاني من أشهرها مؤخراً كتاب حفيده جورج كبولاني الذي أصدره سنة 2005 في مناسبة الذكرى المئة لمقتل عم جده وعنوانه ""كزافييه كبولاني، ابن كورسيكا، رجل أفريقيا"... ومن أبرز الكتب عن كزافييه كبولاني:
R. Randau, Un corse chez les hommes bleus : Xavier Coppolani, le pacificateur, Alger, A. Imbert, 1939, 72 pages
L. Frèrejean, Mauritanie, 1903-1911. Mémoires de randonnées et de guerre au pays des Beldanes, Karthala-CEHS, 1995
Georges Coppolani, Xavier Coppolani, Fils de Corse, Homme d'Afrique : Fondateur de la Mauritanie, L'Harmattan, octobre 2005, 212 pages, (ISBN 2-7475-9289-8)
Geneviève Désiré-Vuillemin, Mauritanie Saharienne (novembre 1903 à mai 1904) : suivi de L'opposition des traitants du Sénégal à l'action de Coppolani, L'Harmattan, septembre 1999, 184 pages, (ISBN 2-7384-8191-4)
Joseph Galliéni, Rapport d'ensemble sur la pacification, l'organisation et la pacification de Madagascar (octobre 1896, mars 1899), R. Laffont, 1990, 1020 pages
Philippe Decraene, François Zuccarelli, GRANDS SAHARIENS, à la découverte du désert des déserts, Denoël, L'aventure coloniale française, 1994, 270 pages
------
المصدر: معظم المعلومات مستمدة بسرعة من مصادر مفتوحة مثل ويكيبيديا الفرنسية.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق