سفهاء وأنذال-Abbass Braham
سفهاء وأنذال
-----------------------
السفهاء لا يعرفون كيف يمسكون المنظار. ولا يرون أبعد من أنوفهم. وغالبا ما يقفون ضد تاريخهم. إنهم ليسوا أكثر من تعبير عن مزاج المجتمع. صراخهم وسبابهم وتكفيراتهم وتخواناتهم هي تعبيرات اجتماعية عن حالة الغليان. ليس إلا.
كان السفهاء يسارعون إلى جلد كل من اتخذ موقفا فوق "الخير والشر" في القضية السورية. من سخرَ من الأطراف أو دعا لتوافق الأطراف كان بالنسبة لهم كلبا عقورا. ثم فجأة... يبست عضلات أوجههم عندما وردت الأنباء أن الإخوان المسلمين في مصر صاروا يتبنون مقاربة بقاء الأسد واتفاق طائف سوري. طبعا تم رمي الرئيس مرسي بكل قارورة في الحانة ووصف بـ"الولوغ في الدم السوري". ثم جاءت مسألة أخرى: تركيا خرجت بمبادرة انتقالية تضمن ترشح الأسد في انتخابات ترعاها حكومة انتقالية. مرة أخرى يبست وجوه وشاهت أخرى.
في ظل هذه التغيرات أصبحت المواقف المنبوذة سابقا هي المواقف الفكرية النبيلة الوحيدة.
ما يحدثُ في سوريا هو حرب أهلية. الطائفية سرقت الثورة. المال الخليجي صار زراعة للكره الطائفي، حزب الله أصبح ميليشيا شيعية في أحسن الأحوال، وهو تمرجح بين المقاومة والطائفية مألوف من الحرب/الثورة الإيرلندية. حماس دخلت الخط. الارتزاق والبحث عن موطئ قدم هو أقدم تيمة في تاريخ الأرستقراطيات المحاربة. إيران كانت داخلة منذ فترة، مدعومة بكل أخرويات وفانتازيات الملالي، واسعي الخيال والمكر. التعصب السني استعاد حربه الصليبية ضد الكفرة. كل عصبي يحمل السلاح ويريد التمرغ مع الحور العين ذهب إلى الشام. في هذه الدوامة ضاعت لحى الملا حسن نصر الله الأتابك وأحمد الأسير.
طبعا التأسيس الأسطوري يرفض فكرة الحرب الأهلية، مع أن معطيات كثيرة تحيل إلى أن أعداد القتلى بين الطرفين هي بالتناصف. وتشير معطيات عدة إلى أن 41000 علوي قُتلوا وقد تم تشريد عشرات القرى على أساس طائفي. هذه حرب أهلية. وتاريخيا كان يمكن الحصول على حرب أهلية دون أن يصرف هذا البعد الثوري للقضية. الحرب الأهلية الاسبانية مثلا. ولكن كل من يصف جبهة النصرة بالثورية لا يعرف معنى ثورة، إلا من منظور لغوي بياني ومجرد.
هذه حرب بين الأنذال. فليتحارب الأنذال في كل مكان وليفنِ بعضهم بعضا. سنكتبُ على شواهد قبورهم أنهم أهدروا طاقة كونية على أقدام إسرائيل. وسنحكي للأجيال القادمة قصة التنين الذي فضل قتل نفسه بنفسه دون أن يجرح الظالم الذي أخذ أرضه، والذي ينظر متلذذا إلى سكرات موته.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق