الخميس، 9 يوليو 2015

حسن المختار 10 يوليو.. ذكــرى أسـوأ انقــلاب فــي الـتــاريــخ


10 يوليو.. ذكــرى أسـوأ انقــلاب فــي الـتــاريــخ
تحل غداً ذكرى انقلاب 10 يوليو 1978 .. وهو أول انقلاب في موريتانيا.. حيث أطاحت مجموعة من الضباط بالرئيس المختار بن داداه، رحمه الله.. والحقيقة أن ذلك الانقلاب كان أحد
أسوأ انقلابات أفريقيا والوطن العربي بل والعالم الثالث، حيث كان انقلاباً منحوساً ضيّع على موريتانيا أكثر من ثلث قرن من تاريخها، وفرّط في ولاية تيرس الغربية وعاصمتها مدينة الداخلة، وكذلك خُمس واجهتنا الأطلسية.
وفوق ذلك لم يكن لانقلاب 10 يوليو أصلاً أي مبرر. وكان في الحقيقة.. وبالمختصر المفيد.. هروباً صريحاً وجباناً من ساحة المعركة في حرب الصحراء.. حيث فضل الضباط الهروب من ميدان الشرف والقتال دفاعاً عن الوطن وجوزته الترابية.. والاتجاه إلى فساد السياسة وشهوات السلطة الزائفة، والتنعم بالوظائف والأموال العمومية، دون وجه حق، أو التآمر على بعضهم بعضاً بقليل من الشجاعة والشرف أيضاً، أو التآمر على بقية البلاد والعباد.. وهكذا كانت سيرتهم غير العطرة، منذ ذلك اليوم المشؤوم، وحتى وقت كتابة هذه السطور.
لقد كنت في ذلك اليوم طفلاً صغيراً أدرس في مدرسة عدل بكرو الابتدائية بولاية الحوض الشرقي، وحيث إن الانقلاب وقع في بداية العطلة الصيفية، والأمطار في تلك الأيام كانت كثيفة جداً، أتذكر أنني أمضيت سحابة اليوم كله وأنا ملازم للبيت أستمع مع الناس إلى الإذاعة الوطنية.. وكانت تبث موسيقى عسكرية محمومة، من ذلك النوع الذي يتقدم المارشات عادة.. ومن حين لآخر تعيد بث بيان الانقلاب المشؤوم.. ويكاد صوت المذيع الجهوري يطلع من الصندوق البلاستيكي المسكين، الذي تصله الأمواج مبحوحة، وأحياناً تخرج منه بالكاد بسبب ضعف الإرسال أو الاستقبال، لا فرق. ويقرأ المذيع غالباً قبل إذاعة البيان، من حين لآخر، الآية الكريمة: «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً».. وبحكم السن لم أكن أعرف يومها، وربما لا يعرف المذيع نفسه، أن الآية كانت معكوسة في ذلك اليوم للأسف: «فقد جاء الباطل وزهق الحق» في انقلاب 10 يوليو.. بل المفارقة أن بعض قادة الانقلاب أنفسهم لم يكونوا هم أيضاً يعرفون أن انقلابهم الذي سماه إعلام النفاق والتزلف والارتزاق «ثورة» كان في حقيقته سوْرة وفورة عوراء هوجاء للباطل العاطل.. وجريمة بحق الوطن والشعب.. وقد قرأت مرة لكاتب وصحفي عربي متخصص في الشؤون الموريتانية، حديثاً قال فيه إنه رافق الرئيس الأسبق معاوية في رحلة من دكار إلى باريس، بعيد الانقلاب بقليل، وكان الرئيس معاوية ذاهباً إلى هناك لعلاج زوجته السابقة سعدية كامل، رحمها الله، فسأله الصحفي العربي: إلى أين أنتم ذاهبون يا سيادة المقدم.. لم نفهم اتجاه انقلابكم.. لا أنتم قوميون، ولا يساريون، ولا ليبراليون، ولا إسلاميون، ولا غربيون، ولا شرقيون، ولستم مع المغرب، ولا مع الجزائر.. لم نعرف حقيقة اتجاهكم؟ فقال له معاوية وكان أمينا للجنة العسكرية للإنقاذ الوطني: صدقني.. أنا نفسي لا أعرف أين نحن ذاهبون! لعله صار اليوم يعرف أين كانوا ذاهبين... بعد كل هذه السنين.. اللهم إني صائم.

ليست هناك تعليقات :