الثلاثاء، 19 مايو 2015

Saleck Abdellah يوميات عاطل


يوميات عاطل
جلس مقهورا، يرمق السماء بنظرة المسكين المستسلم، الذي لا حول له ولا قوة، يصرخ بصمت، يتألم لكنه يبتسم، يبتسم سخرية من القدر، ومن الوطن ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، العالم صاخب من حوله، لكنه لا يسمعه، الناس يضربونه بأطرافهم، ذات اليمين وذات الشمال لكنه لا يشعر، تلك العيون، التي تنظر اليه في المنزل علي أنه، شخص غير مفيد، تنغص عليه حياته، وتسد رغبته في العودة، لكن بطنه الذي يحدث صرخات إستغاثة بين الفينة والأخري، جعله يقرر العودة، وكل شيئ يهون عندما تسكت الأمعاء، نظر فإذا بباص، يردد شاب أسمر اللون، مجعد الشعر، تكسو اسنانه صفرة، pika pika ويضرب مؤخرة الباص بقوة وحماس، أشار عليه ان قف، ثم أبتلعه، الباص...ركاب من مختلف الأعمار والألوان والأشكال، وروائح غريبة اختلط بعضها ببعض، جعلته يعطس مرة ومرة وأخري، أصواتهم مرتفعة، ويتحدثون في مواضع مختلفة في آن واحد، كمن يقلب تلفزيون، فكر مختار في حظه، وهو ينظر إلي المحصل، وهو يشقي لكسب رزقه، بينما هو حصل علي شهادات عليا، وما يزال يعاني من وظيفة، يضع راتبها في جيبه المتصحر، وصل للمنزل، وقواه خائرة عن الآخر، نفس النظرة، نفس العيون، ونفس ردة الفعل، وما حفزه علي العودة، بادرت زوجة خاله، بالأخذ بزمام مبادرة تخييب أمله فيه، وبلهجة مريرة، ونبرة تحمل الكثير من التحامل:
- لقد تأخرت عن وقت الغداء المعهود، وقلنا بأنك لن تأتي، لذا لم نترك لك شيئا، وما بقي أكلته أعزيزه، وهي معزاة تحبها عن 100 شخص من أمثال المختار، الذين لا يطمع فيهم، فحتي ثمن عود السجارة لا يستطيعون تقديمه، إضافة إلي أنهم يزاحمونها في المنزل، لقد خابت آماله، وتبددت، ولكن الرجوع في كل الأحوال حتمي، ذهب إلي الدكان المجاور، وطلب منه، علبة مما يعرف محليا 'امبسكيت سرغلي' وأنا لا أدري لماذا لم يسموها علي " الكواسة" تردد صاحب الدكان لكن المختار طمأنه بالدفع لحظة رجوع خاله من شغله الطارئ، أخذها وهو غاضب من معاملة البائع لكنه بحاجة لشيئ يرسله بسرعة إلي أمعاء بدأ صبرها ينفد، بعدما طعم وشرب كأسا من الشاي، دخل عالمه الأزرق، والحقيقة أنه لولا wifi جاره الذي يفصل بينه وبينهم جدار متآكل لما استطاع ان يدخله، لم يجد من الجديد سوي رسالة من اسم مستعار تحمل الرمز cv عندما أجابه رد ب wani bik وهي عبارة خففت قليلا من وطأة ألمه، خاصة بأن الاسم مؤنث، بعدها فاجأه الاسم بطلب بطاقة شحن 500 من ماتل، كرهته في الفيس وقلبت عليه المواجع، دخل الوات ساب، فإذا بصديقه يعاتبه فقد كان من المقرر أن يلتقيه عند صمصار الهجرة، ولم يأته، إذ يخاف من فكرة الهجرة رغم قساوة الحياة، لكن خطبة ﺍبنة عمه آمنه لتاجر بأنغولا، جعلته يتقد كرها للوطن وأهله، ويلعن تلك اللحظات التي كانت توهمه بأنها ستظل بجانبه في أوقات السراء والضراء غير أنها جملة خالية من الدسم أصبحن يرددنها، لكثرة ما سمعنها في المسلسلات، لكنهن سرعان ما يتنكرن لها، إذا تعلق الأمر برجل جاهز للزواج، بإشارة من صديقه، سيذهبان إلي انواذيبو ثم يعملان في البحر، الي أن يجدا فرصة للهجرة نحو الفردس. لكن أولا يجب أن يدبر أجرة السيارة الي المدينة الاقتصادية، قبل ركوب الخطر، نحو أرض اللاعودة...

ليست هناك تعليقات :