الأحد، 24 مايو 2015

Khaled Elvadhel نوكيا 205!


نوكيا 205!
لقد أحببتها من أول نظرة،وهي تستلقي بكل ثقة وراء زجاج المحل بين "الآيفون" و"الكالكسي" ومجموعة من الأخوات الصينيات المتبرجات،جذبني لونها الأزرق كسماء الربيع،وقوامها المعتدل كأنها "انجيلا جولي" عندما تقف على قارعة طريق "عزيز" قبيل
الغروب تبحث عن "تاكسي"...كانت شاشتها صلبة كزجاج سيارة مصفحة،وكان الضغط على أزرارها الممانعة يجعلني كعازف بيانو لا يشعر بتعب أصابعه!
عندما أصيبت بوعكة صحية ذهبت بها للأخصائي،حيث قام باستئصال برنامجها القديم،كللت العملية بنجاح باهر،وعادت لسابق عهدها!
لها ضجة وجلبة في عالم "مارك"،لكنها في الواقع هادئة وصامتة كصاحبها،فمنذ أيام لم تزرها رنة ولم تطرق شاشتها رسالة باستثناء رسائل العروض الترويجية...لقد هرمت نوكيا 205!
بطاريتها اصبحت مثل "صوملك" تلوح بضعفها في الأوقات الحرجة ككتابة منشور مثلا،وشاشتها اصبحت مضببة كغرف الحمامات المكتظة بالبخار ومتصدعة كجدران منزل من الطين لفلاح يسكن في اعماق الوطن!
لقد أزف أوان التخلص من نوكيا 205،فلا يوجد بها "الواتساب" ولا "الفايبر" ولا تقرأ PDF وذاكرتها هشة كذاكرة موظف حكومي داهمه التقاعد ولايزال يسكن في منزل مؤجر!
نحن في العالم الثالث،نفرط في الإستهلاك العشوائي،فمواكبتنا للموضة تجعلنا ضحية للإسراف ونحن لا ننتج،لدي المال لكنني لن استبدل هاتفي قبل أن يلفظ انفاسه الأخيرة!!
من المنهكة نوكيا 205،وهي بعد لم تحتفل بعيد ميلادها الأول،وقد دب فيها الوهن وخارت قواها..من ثانوية تامشكط والسنة الدراسية تكتب وصيتها،وتفتش عن جثة سنة التعليم بين ركام الوعود!
مقيلكم سعيد،مع أن الشمس في الخارج أرى أشعتها من وراء النافذة تنصب لي الكمائن في طريق العودة إلى منزلنا في أعلى التل!
الساعة العاشرة صباحا و27 دقيقة بتوقيت المدينة الفاضلة تامشكط.

ليست هناك تعليقات :