لا يشتكى قصر منها ولا طول:
للشاي لدى الموريتانيين منزلته الخاصة، وحضوره المشهود؛ فهو الركن الأول من الضيافة والقِـرَى، وهو الأنيس ساعة السفر، عندما نشد الرحال خارج الديار، وهو الْمَعِينُ الثَّـرُّ الذي يلتم عليه الجمع، ويحلو على كركرة كؤوسه السمر، ويألف الناس احتساءه في اجتماعاتهم الخاصة والعامة.
وقد أثار
منذ دخوله البلاد في القرن الثامن عشر فضول العلماء، فمنهم من حرمه وأفتى بمنعه، ومنهم من لم ير فيه ضيرا، فاستحبه وتعاطاه كلما سنح له.وقد أثار
أما في عالم الأدب فكان له ذكر وحضور مشهود لدى الشعراء؛ فصيحهم وعاميهم، واحتل مكانة تضارع مكانة الخمريات في تراثنا الأدبي، فلم يتوان الشعراء في التغني به، ووصف مجالس أنسه، وكؤوسه الدائرة، وجمع الندامى الملتف حوله، والتباكي عليه إذا عزَّ، وامتنع وجوده، والتعريض بتاجر الحي الذي يرفض أن يُـدِيـنَ الزبونَ منه ، حتى يقضي الله سعةً في اليدِ، فيدفـع للتاجر ثمن ما أقْـرَضَهُ.
وكان الشاعر محمد بن أحمدون على المذهب النَّـوَّاسِيِّ في الوله بالشاي، والتغني بطقوسه المختلفة، والبحث عنه، وتتبع مظانه في الحي؛ ولا نكون مغالين إذا قلنا إنه كرس جل شعره له.
فعندما يرفض له التاجر(الصراف) أن يستدينه منه، يقول متأسيا:
إذا ما هجرتُ الشايّ يوماً وليلةً++ويوما،وأعلنـــتُ الفراقَ وبَـيْــنَهُ+
فلا تعجبوا إن فرق الدهر بيننا++ لقد حال(صرف الدار)بيني وبينَه+
فلا تعجبوا إن فرق الدهر بيننا++ لقد حال(صرف الدار)بيني وبينَه+
وقد أبدع هذا الشاعر حقا في وصف كؤوس الشاي التي ظهرت ذات فترة، والتي كانت ترمي إلى ترشيد كمية الشاي في الكأس، مما حزَّ في نفس الشاعر، فَـوظَّفَ موروثه الشعري توظيفا رائعا، لِيُـعَـرِّضَ بهذه الكؤوسِ، مقابلا بينها وبين سعـاد، ذات القوام الفاتن في قصيدة كعب بن زهير.
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا++ إلا أغـن غضيض الطرف مكحول+
هيفاء مقبلة، عجـزاء مدبـــرة++ لا يـشـتـكى قصــر منها ولا طـول+
وكانت هذه الكؤوس التي تسمى(الزبير) قصيرة، مرتفعة القعر، حتى إن القعر ليُغَطِّي أكثر من ثلثيها، فلا يكاد مُحْتَسِي الشاي فيها يُـرْوِي غُـلَّـة ؛ أو يُـشْـفَى مِنْ دَوْخَةٍ، وإنما هي رشفةٌ واحدة، تثيـر لواعجَ في النفس ، ما كانتْ لتسكنَ، ولا تُـغْـنِي عَـنِ الْمُـوَلَّهِ شيئا.
يصفها ول أحمدونَ ساخِـرًا من قَـوَامِـهَـا، ومؤنبا أصحابها، فيقول:
للـهِ كَــأسٌ أَتَـتْـنَا مِـنْ كُــؤُوســكُـمُ++ رَيَّـا الـرَّوَادِفِ، هَـيْفَـا، مَا لَهَـا مَثَلُ+
مَا هِيَّ -لَوْلَا الَّذِي تَحْكِيهِ مِنْ قِصَرٍ-++ إلَّا سُـعـَادُ غَـــدَاةَ الْبَيْنِ إِذْ رَحَلُـوا+
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا++ إلا أغـن غضيض الطرف مكحول+
هيفاء مقبلة، عجـزاء مدبـــرة++ لا يـشـتـكى قصــر منها ولا طـول+
وكانت هذه الكؤوس التي تسمى(الزبير) قصيرة، مرتفعة القعر، حتى إن القعر ليُغَطِّي أكثر من ثلثيها، فلا يكاد مُحْتَسِي الشاي فيها يُـرْوِي غُـلَّـة ؛ أو يُـشْـفَى مِنْ دَوْخَةٍ، وإنما هي رشفةٌ واحدة، تثيـر لواعجَ في النفس ، ما كانتْ لتسكنَ، ولا تُـغْـنِي عَـنِ الْمُـوَلَّهِ شيئا.
يصفها ول أحمدونَ ساخِـرًا من قَـوَامِـهَـا، ومؤنبا أصحابها، فيقول:
للـهِ كَــأسٌ أَتَـتْـنَا مِـنْ كُــؤُوســكُـمُ++ رَيَّـا الـرَّوَادِفِ، هَـيْفَـا، مَا لَهَـا مَثَلُ+
مَا هِيَّ -لَوْلَا الَّذِي تَحْكِيهِ مِنْ قِصَرٍ-++ إلَّا سُـعـَادُ غَـــدَاةَ الْبَيْنِ إِذْ رَحَلُـوا+
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق