مقدمة القصيدة العربية: النشأة والتطور (ح20)
ولعمري لازدواجية شعراء العقود الأربعة الأخيرة أشد إثارة للاستغراب؛ حيث أصبح معظم الموريتانيين في حال إقامة شبه دائمة (بتأثير عوامل معروفة) والنسبة العظمى منهم من
سكان المدن، والنسبة الضئيلة الباقية أيضا في حال تقر شبه دائم. وحتى الذين آثروا حياة الحل والترحال – على قلتهم- لم تعد لأغلبهم أطلال أمام التصحر والتعرية الناشئين عن الجفاف وتردي حالة التربة.رغم ذلك نجد نصا كتب في مطلع عام 1984 لشاعر نشأ وترعرع في المدينة يقول فيه:
ألا فاسكب دموعك بالمغاني ** لشمس الحسن كاسفة الغواني
عفاها الرامسات فما تبَقّى ** سوى رسم يُخال شبا سنان
لئن أضحت حمائمة شواد ** بلحن محزن يشجي الْمُعاني
على رسمين لولا الشوق مني ** ونؤي دارس كالنون.. فان
ولولا مربض قد هد قلبي ** وهاج بلابلي ما يعرفان
يقول العاذلون -وما أبالي-: ** لقد جن الغلام لما يعاني!
فقلت: الحب أعظم من جنون ** وما كل الغرام كما عراني
فإن الربع هيج ذكرياتي ** لما قد نلت فيه من الأماني
فكم بالربع نلت من التداني ** وكم بالربع زرت من الحسان..
وهنا أود الإشادة بالشواعر قديما وحديثا بـهذا الخصوص؛ حيث لا أذكر أنني وقفت لإحداهن على وقوف بطلل، بل تندر المقدمات عموما في أشعارهن عكس أشقائهن من الرجال.. وبالشعراء العميان من أمثال المعري، وبشار بن برد، وغيرهما. وإن لم أعرف أيعود الفضل في ذلك إلى العمى أم إليهم.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق