الاثنين، 21 أكتوبر 2013

عن أي صحراء تتحدث؟




‏‎Mezid Chekh‎‏
أختي فاطمة، كل ما سبق يؤكد، من زاوية الموضوعية والانصاف، أن مبررات المخزن (المدرجة في مخطط ابتلاع الصحراء) باطلة. وأنت تعلمين أن الباطلَ باطلٌ حتى ولو أجمعت عليه القوى العظمى؛ فالعالم لن يقتنع بأن أمريكا معلم نصوح، وأن المغرب طفل وديع. وبالتالي لن يقتنع بأن من حق أمريكا أن تناول المغرب طبشورا أبيض ليرسم على سبورة الكون خارطته حسب هواه. فمهما تعجرف الامبرياليون فثمة ضوابط لا يمكن القفز عليها.

"عن أي صحراء تتحدث؟": سؤال تقتضي الإجابة عليه صفحات وصفحات. وسأعطي لقلمي هذه المرة حق "تخمة المداد" عسى تنقشع غيمة الشك والتردد. أختي الكريمة، عن أي صحراء سأتحدث غير الصحراء الغربية، فهي في شبه منطقتنا أم المواضيع وثدي النقاشات. صحيح أنها كانت من بين المحظورات. فإما من يمنعهم الخوف أو من يحدوهم الطمع أو من لا يجد ما يؤكد به شرفه غير التعلق بـ"العرش". أما اليوم فبلادنا تعيش واقعا جديدا ماتت فيه المصادرات والطابوهات، بحيث تضرب حرية التعبير أرقامها القياسية، وبحيث تراجعت وتيرة شبح الخوف مفسحة مكانها (تدريجيا) لمنطق التحليل والاختيار الحر بعيدا عن حكم الهراوة والبطاطس. إذن عن هذه الصحراء (التي أخـّـر تزايد الاهتمام بها زيارة الملك مرتين) أتحدث. تلك الصحراء التي تجاوزت عقدة الماضي بكل تجلياته المظلمة، فبعثت (على إثر الأزمة الموريتانية السينغالية) رسولا إلى نواكشوط ليؤكد رسميا للحكومة الموريتانية استعداد بلاده للتدخل العسكري المباشر إلى جانب موريتانيا في حالة نشوب حرب بينها والسينغال. في حين كانت السينغال تستقبل من الطرف الآخر باخرة ذات حمولة "خاصة". هكذا تؤكل كتف الغفران، وهكذا تولج شعاب التسامح؛ فالروابط التاريخية تظل أقوى من البارود، كما تظل أقوى من السنابل.. وإن علينا - أختي العزيزة- أن نحذو حذوهم في اقتناء "علم التجاوز"، فننظر إلى الصحراء والصحراويين بعيدا عن عقد الماضي، ووفق منطق جديد قوامه التوازنات الإقليمية، وأساسه استقرار المنطقة، وسنده القانون الدولي، وبعده العمق الاستراتيجي.

(محمد فال ولد سيدي ميلة)

ليست هناك تعليقات :