محمد لغظف ولد أحمد الفيافِ 32: بين لمهابه ولد بلال ومحمد الأمين الفاظل
الفيافِ 32: بين لمهابه ولد بلال ومحمد الأمين الفاظل:
اشتاق لغظف إلى الخداع، والهروب قبل لحظة الوداع، فتَـقنَّع بالعمامة، حتى صار خَـفِيَّ العلامة، وقرر أن يذهب في جولة، ويخادع من حوله. وبينما كان يمشي في الطريق رأى رجُلين وقوريْن، فاقترب منهما فإذا هما لمهابه ولد بلال ومحمد الأمين الفاظل، وكانا يتذاكران الأخبار، ويتناشدان الأشعار، فسلم عليهما فلم يعرفاه، وقال:... "أيها المدونان الخبيران، والكاتبان الكبيران، هل لكما أن أعقد بينكما مناظرة، على سبيل المذاكرة، وللفائز منكما إعجاب وتعليق، وللخاسر من الاحترام ما يليق". فقالا: "أيها الغريب، إن أمرك مريب، ولكنا التمسنا في لسانك فصاحة، فاسأل نـجـبْك بصراحة". فقال لغظف: "يا أستاذي لمهابه، لقد أدهشتَ أهل الفيس بذائقة حواسّك، وأخبار كـوّاسك، فهلا حدثتني من أحاديث الكواس، بحديث لم تخبر به الناس". فقال لمهابه: "لقد نصحني كبير الكواسة بنصح بليغ، ولسان لا يعرف الزيغ فقال: إن آفَـةَ الفظة، -أعطاك الله عظة-، في ابتسامِ الفتيات، وإلحاح الشَّـيْبانِيَّات، فاهرب منهن، وابتعد عنهن. ولا يكن لك صاحب ولا خليل، ولا هادٍ ولا دليل، وعليك بالتّمْراغ، في أوقات الفراغ، وإياك والخبز المَـيْدوم، فإنه لا يَدوم، إلا إذا لم تدفع ثمنه من جيبك، فإن أكله ليس بـعَـيْبك. وإياك والجود، فإنه غير موجود. أما البُخل فهو من شيم الأذكياء، والعارفين الأزكياء. وعليك بالاستحمام بالسَّـطْلة، ومسحِ النخامة على المطْـلة. واعلم هداك الله أن الزواجَ غباء، ومرضٌ ووباء، نسأل الله العافية، والنعمة الظافية. وإني نظمتُ شعرا فاسمعه واستوعبه:
دعِ الآمـــالَ ويــحـك والأمــاني -- ولا تـــأمن مــعاداةَ الزمانِ
ووفِّـرْ ما استطعتَ من الأواقي -- ليومِ الخوفِ أو يومِ الأمانِ
فــإن الــمـالَ نـاءٍ عــنـك دومــا -- وإن الإفــتِــقــارَ إلـيـكَ دانِ
فهز لغظف رأسه طربا، وقد لاقى مما سمع عجبا. والتفتَ إلى محمد الأمين وقال: " يا أستاذي، هلا نصحتَ الطيفَ السياسي، وأصحاب الكراسي". فقال محمد الأمين: "اسمع يا هذا، إن على الحاكم، أن يستعد ليوم المحاكم، وإن على الوزراء، النظرَ إلى الوراء. وعلى أهل التمكين، أن يرأفوا بالشعب المسكين، وعلى البرلمان، أن يوفر للمُواطن الأمان، وعلى المعارضة، أن تكتفيَ من المقارضة، وعلى من يَـكِيـد، أن يعلم أن دخول القبر أكيد. وإن على الجميع المبادرة، لتنفيذ المبادرة. فيا ويح من تجاهل المظالم، وإنه لَظالم، وياويح من أهمل العِطاش، فلقد ضل وطاش. وقد نظمتُ قولا، فافهمه واحفظه:
حُـكومـتَـنا لـبّي نـداءَ الـمُـواطنِ -- وكُـوني لـه عَـوْنـا بكُل المَـواطِنِ
عـلـيـكِ بـتـقـوى اللـهِ فـيـه فإنه -- ضعيفٌ وللأخطار ليس ب"فاطنِ"
فليس الذي يبدو له منكِ ظاهرًا -- وليس الذي يخفى عليهِ بباطنِ
حينها نزع لغظف قِناعَه، بثقة وقَناعة، فعرفَــهُ الأستاذان فقالا: "أيها المخادع، أليس لك رادع". فقال لهما: "لقد أتيتُ لاستنزاف القريحة، وأخذِ ما في الشريحة". ثم هربَ منهما ضاحكا يحملُ إلى أهل الفيسبوك الحلقة 32 من "الفيافِ".
عشتم طويلا...
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق