وقفة مع الذكريات:
مرة ارتأت إدارة إعدادية "المربط" أو"المقبرة" أو"الميناء" الموقرة أن تطردنى صباح يوم مع زميل لى بتهمة التبشير بالفكر "الناصري" بعد أن أنجزنا مجلة مدرسية سميناها
"الحجارة" ورصعناها بصور المسجد الأقصى وخريطة فلسطين وزيناها بصور لكواكب النضال العربي جمال عبدالناصر وصدام حسين وياسر عرفات ونجوم النضال العالمي مانديلا وجيفارا وكاسترو وصانكاراأمرتنى الإدارة بإحضار "وكيلى" قبل العاشرة صباحا
فكرت فى أنه لا أحد فى المنزل سيذهب معى وليس من مصلحتى إطلاع أهلى على مشاكلى مع الإدارة
دخلت "المربط" ضحى أبحث عن "وكيل" حتى لوكان تيسا أومعزاة أوكبشا من كباش "المربط"
قيض الله لى عبدا من عباده الصالحين
كان رجلا سينغالي الجنسية موريتاني الأصل"بزكي (الكاف مغلظة)"
شرحت له أن المدير طردنى بغير سبب وأننى بحاجة لمن يذهب معى لتقبل الإدارة إعادتى إلى القسم
قبل بأريحية مع أنه لم يفهم الشيئ الكثير من المهمة المسندة إليه
فى الطريق شحنته كثيرا ضد الإدارة والحكومة فقلت له إنهم لا يعطوننا وجبة الفطور ولايشترون لنا الثياب ولا يعالجوننا ولا يهتمون بنا ولايوفرون لنا النقل من وإلى الإعدادية
تأثر الرجل كثيرا فكان يهز رأسه قائلا "سيكين شاشرة هاي أكول ماهو جين هوم هكومة إللى هيوان توف"
لقنته جيدا حتى لاينسى أنه "خالى" وأن إسمى حبيب الله فنسيانه لقرابته منى واسمى الحقيقي قد يجعلنى تحت "البند السابع"
دخلت مكتب المدير مع "خالى" الذى كان يتصبب عرقا ويظهر الكثير من الغضب والتشنج
بمجرد دخولنا انسحب أستاذ العلوم وأستاذ التاريخ ومراقب كان يجلس معهم ويبدو أنهم فضلوا متابعة "المسرحية" من الخارج وقد انفجروا ضاحكين مما يعنى أنهم فهموا مخططى
قلت للمدير بوثاقة زائدة هذا خالى
قاطعنى الرجل الطيب قائلا" هاي إيسير ما إيسوف حد هالو وايصوعو هو دعيف وسغير وانتوم ماهو وكلوهم ماهو صربوهم ماهو رفديهم انتوم ألا هيوان هاي مسلم ملان ما ايعدلو لساسرة من أهل كبة"
غالب المدير ضحكة كادت تصدر عنه وهو يقول "ولد أختك أسمو"
هذا السؤال كان مفخخا و"داعشيا" بحق فالرجل نسي اسمى فقال " هاي أمالو أطفيل أختى آن عبيدالله"
وقعت مع "خالى" فى الفخ الذى نصبه لنا المدير ليتأكد أنها مجرد مسرحية خاصة بعد أن عاجل "خالى" بسؤال يحمل رأسا "نوويا" وهو يقول " سوف يدخل القسم وقدعفونا عنه قل لى اسم والدته ووالده لأكتب للأستاذ أن يقبله فى القسم"
عاجلت أنا "خالى" حتى لايقع فى فخ السؤال فهو لايعرف عنى شيئا أي شيئ فقلت له "خالى إنهم يضربوننا ولايعطوننا الدفاتر ولايسمحون لنا بالذهاب للبحث عن ماء الشرب"
كان هجومى المضاد موفقا إذ أربك حسابات المدير ودفاعاته وغطى على سؤاله العدواني
كان على المدير هذه المرة أن ينجو بجلده ف"الخال" غضب غضبا شديدا وكاد أن يضرب المدير وهو يقول "انتوم رهمه ماهى فى قلوبكم ساسره ميصربو سيكنين ما عندهم كيات أتفو أعليكم هاي ماهى مدرصه هاي ماهى حياة"
انهارت دفاعات المدير واستعمل الديبلوماسية فأعطى "خالى" منديلا ورقيا يمسح به العرق عن وجهه وأمرلى وله بماء بارد وخبز وأجلسنا على مقعدين وطيب خاطر "الخال" ثم أعطانى دفترين جديدين وقلمين ومسطرة كبادرة حسن نية
تهللت أسارير "خالى" عندما رافقنى المدير وإياه إلى القسم حيث قال لأستاذنا "دخل هذا لمخيليق أعل أخلاك خالو هذا المتعدل"
ودعت "خالى" العزيز" ملوحا له بيدى وهو يغادر الإعدادية
ورب خال لك لم تلده أم أمك.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق