السبت، 19 أكتوبر 2013

يــا للــرجــال لرقــصٍ غـيــر مــسـؤوم


يــا للــرجــال لرقــصٍ غـيــر مــسـؤوم

هل تتذكرون رقصة الصلاة... أعني تلك الرقصة الشعبية التي يقلد فيها الراقص حركات الصلاة، على نحو قد يفهم منه استهزاء.. ويردد المغنون دون همّة، وبصوت غير شجي: لمرابط لا تنسَ صلاتك؟ تلك الرقصة التي تعيد إحدى القنوات الموريتانية بثها كل يوم بوصفة ريجيم حبوب الأطباء الصينيين: حبة عند الصبح، وحبة عند الزوال، وحبة في الليل!
لقد كتبنا جميعاً عن تلك الرقصة، وناشدنا الزملاء وقف بثها، مراعاة لمشاعر المسلمين في موريتانيا وفي العالم، ونحن نحسن الظن بهم، ونحسنه أيضاً بالراقصين الشعبيين أنفسهم... ونعرف أنهم جميعاً، حاشاهم، لا يريدون من ورائها الإساءة إلى الصلاة، أو إلى الإسلام... ولكن، للمفارقة، ما زالت القناة تبث تلك الرقصة، حتى الآن، رغم أنوفنا، وأنوف تلفزيوناتنا ورسيرفيراتنا وصحوننا الفضائية.
حسناً، إذا كان الإخوة عندهم رأي آخر، ويرون أن حساسيتنا مفرطة، وأن الرقصة بريئة، وليست بذيئة، وينبغي عدم تحميلها ما لا تحتمل، لأنها مجرد عمل فني تقليدي، وعلى السجية، لا غير... إذا كان الأمر على هذا النحو، فلماذا لا يقلّبون المسألة أيضاً على جانبها الآخر، وأعني الجانب الفني البحت! إذ لا جدال في أن رسالة هذه الرقصة الخرافية قد وصلت، وفرجتها قد تحققت، ولم يبق سوى أن تتحول إلى منتج فني مستنفد ومنتهي الصلاحية، وممجوج ومكرور، بعدما ملها المشاهدون، وسئمها المتابعون.
إن أحلى شيء في العالم، عندنا نحن أهل البادية، هو التمر المفصّص، ومع ذلك إذا فرضتَ على أحد تناوله صباح مساء سيكرهه، ويمقته، إلى أبد الآبدين. وإذا كان هذا، فكيف سيكون الحال مع رقص غير مفصص، ومشحون ومسؤوم، بتعبير ابن كلثوم!

ليست هناك تعليقات :