الثلاثاء، 4 يونيو 2013

تداعيات:

  • تداعيات:
    ________

    الكاتب محمد بن امين

    (حسن مختار)

    منطقة آفطوط ، أو "بحر آفطوط"كما يسميه أهله، من ظل "العصابة إلى سهول شمامة، ومن لجام الذراع شمالا إلى الواد الأخضر،من أصعب مناطق الدنيا معابر و أنكدها مناظر ، ووحشه مقابر، وأقلها موارد ومصادر،فصل الجفاف.... ولكنها من أطيبها عنابا و أغزرها أطيابا وألطفها أصحابا إذا أغدق الدلوي وصب الوسمي ، وجاء بعده الشتاء وصحت الأجواء و سمنت الشاء و وثرت الفراء وطاب في السمر الغناء..

    كنا في سيارة رباعية الدفع طاوية الموانع، ذاتية التسارع، مكيفة الهواء ، وثيرة الوطاء، محكمة الإغلاق ،مظللة المرايا،فضية الأطواق، فيها من كل الأطياب اثنان حتي من الُعُمَد واحدٌ و مساعدهُ، وكان السائق (الراوي) يعبر المنطقة الممتدة من صنقه رافة عبر مقطع الحجار إلى بحر آفطوط في جناحه الغربي لأول مرة، في موكب من حلف سياسي "حجاري "ثابت النواة متغير التحالفات ، كمماثليه، منذ حزب الشعب إلى يوم الإنقلاب الأخير، وفي الموكب حاكم المقاطعة ورؤساء المصالح المحلية والساسة المساندون للحركة الإنقلابية، و بسم الله مجراها في بحر "إفطظ" ..لأستقبال قائد الحركة في جولاته الماراتونية تمهيدا ل6/6 ومتلاها من الأرقام...
    والوقف ضحية اليوم فما وصلنا "بوره" التي أصبحت "بورات"في توالد الخلافات المحلية وتعدد الولاءات من الهياكل إلى حزب العارضة الزرقاء الذي عدد القرى بالأرقام1/2/3 وشتت الأحزاب حتى عرفت بالأحرف "ألف" و "باْ"...وعندما اعتقدنا جازمين أن الفناء حل محل الكيان وأن العدم ساد بفغل العدم والسراب يحمل إليك حركة اللاشيء..لاحت أخصاص فيها من مظاهر الخصاصة،ما يذهب الأمل في الإنسان.....لا حي يسعى ولا قط يموء و لا أتان تنهق.. ولكن السراب حمل إلينا صورا سوريالية تتراقص على شواطئ المستحيل ...إنها الموكب الرئاسي...سنأوي إلى أنبار يحمينا من القيظ القاتل و فيه من أهل المقاطعة المتعودون على المواكب السيارة أيام القيادة و كانوا لا يزالون متشبثين بأمل أن يعود "البلل" إلى مفاصل "المنفوع"...لتعود ليالي الأنس ب"فيينا " أو بالأندلس...
    حمارة الظهر بعثوا في الإنبارات حاشرين للإستماع إلى الخطاب و مطالب الناس فجئنا وبدأتوزيع الوزراء للرد على مطالب المواطنين في بورات.. الهاتف ... البث ...السدود...إلخ

    هنا في هذا الجو الكالح والغبار الطافح و الحر اللافح كان شابان وبعض الكهول من أعضاء الحكومة يحشرون أنفسهم في بذلات يعلوها غبار افطوط الدسم يترنحون والعرق يقول لهم لات حين مناص...

    من بين هذا الطاقم كان الوزيرمحمد بن امين الذي سيبرز كاتبا مترسلا جيد السبك وافر المعلومات روائي الجمل متحررا من وزن الثقافة المحظرية الزائد في أغلب كتابات الموريتانيين،ولم أتبين ذلك من مظهره الخارجي فقد كان يشي بما يقترب من الموظف الإشتراكي البلشفي المنظم... فلم تكن هناك ملامح الكاتب التي تعلمناها من جامعة بيروت العربية و جامعة مار يوسف بلبنان أو الأمريكية بالقاهرة أو حزمة ذيل الفرس التي سيطرت علينا تقليداً ليساريي الحي اللاتيني.

    وكنتُ ضحية للعبة التمويه فترة حسن المختار و وجهه الأليف وابتسامته الهادئة رغم"شقاوة" كتاباته ولم أعرف أنها كتابة الوزير محمد،إلا السنة الفارطة...بعدما كثر القيل والقال في الأمر.. ولقد أثارت إنتباهي موسوعية قراءاته التي تشي بها إحالاته... وشدني صدقه في وصف بعض الشخوص الذين عرفتهم ...حتي في اكتشاف معاقل عقلياتهم....

    وسيكون لي عنه حديث مكمل ،اسـاهلته مني مقالاته الأخيرة بأسلوبه المتميز، لا في أفكاره،لأنها، في فهمي،كالذوق لا تناقش ، فوحدها الآراء تخضع للتداول إذا اشترك أهلها مشتركا ..أما القناعات فإما أن تشترك أو تترك لمن بها تمسك,,,و تلك ـ لعمري ـ هي فسحة العقول و مراح الفهوم و منتزه أولي الألباب...

    ....عمتم مساءُ

ليست هناك تعليقات :