السبت، 1 يونيو 2013

الفيافِ 33: حمار يعظ حمارا:-محمد لغظف ولد أحمد


الفيافِ 33: حمار يعظ حمارا:
كان لغظف نائما تحت ظل "صـدراية"، رافعا للإفلاس راية، فجاء حماران ووقفا بقربه، حتى أيقظاه من نومه، وكان الكبير منهما يعِظ الصغير ويقول له: "أيها الحمار، تَـداركْ، وتذَكَّـر دارك، ولا تشتغل بالسمع والطاعة، عن السمع والطاعة، ولا تُنسينَّك مرارةُ "الدّبُّوس"، حلاوةَ الفردوس، ولا رَيبُ الأتان، طيبَ الجنان. ولا يفتـنَـنَّك عن دينك جمالُ البغل وفُـتُـوَّتُـه، ولا ضخامتُه وقُــوَّتُـه، فإنْ كان البغلُ منكَ أقوى، فلا فرق بينكما إلا بالتقوى. ثم إن جمال البغل يَذهبُ مع الأهوال، وقـوّته تفنى بتقلب الأحوال. واعلمْ هداك الله، أن في الحياة من الآيات، ما يتعظ به أهل البصائر، فيعتبرون بما هو صائر. وأنَّ في الفناء من العَناء، ما يُنسي وِصال الحِمارة الغانية، وما أمدَّتْ به الدنيا الفانية. أيها الحمار، انظرْ إلى أسلافِك، فستذكرُ يومَ إتْـلافِك. فكم قدْ شربوا من الآبار، واليوم صاروا في الأخبار. وكم قد تغزلوا بالحمارات، واليوم بُـنِـيَتْ على رُفاتِهم العمارات. فلا يخدعنَّك قمح ولا شعير، فبعدهما جنة أو سعير. و في يوم القيامة، لن تنفعك الملامة ولا الندامة، وسيُنسيك عبورُ الصراط، ما لقيتَه في الدنيا من "التـمْـيَاط". أيها الحمار، كم قد وعدتَ ربَّك وأخلفت، ولم تستغفر مما أسلفت. وكم نفخَكَ الطمعُ وفش، فلمْ تبحثْ إلا عن "الحش". وكم أغريتَ الحماراتِ بـ"شاريت"، وأخفيتَ عنهن قُبحَك وداريْت. وكم تركتَ الأعمال الصالحة، وسقيتَ الناس من الآبار "المالحة". وكم كنتَ تروثُ في الطريق روثا كثيرا، وتبول بولاً مُثيرا. فمتى ستعتبر بما مضى، وتستغفر مما فات وانقضى. وتتوب توبة صادقة، وتؤوب أوبة رائقة. أيها الحمار، البدارَ البدار، قبل الرحيل عن هذه الدار. فيوم تموت، ستفُوت، ولن ينفعك خِلٌّ ولا صديق، ولا شهيق ولا نهيق". فبكى الحمار الأصغر، وقال الحمار الأكبر:
تــــزَوَّدْ قـبـلَ مـوتـك يا حـمــارُ -- ولا تخْدَعْك "مَكْرُونِي" و"مَارُو"
ستأتيكَ الــنـوائـبُ كـاشـفاتٍ -- فـمـا لِــنوائـب الـدنـيـا خِـــمارُ
ويُـمسي كلُّ ما شَيّـدتَ فيها -- خُــلاصـتُـه الـتـشــتّتُ والدمارُ
فقام لغظف عنهما وقال لهما: "لا بوركتما، لقد أيقظتماني من نومي، وأفسدتما عليّ يومي". وغادر مغضبا وهو يحمل إلى أهل الفيسبوك الحلقة 33 من "الفياف".
عشتم طويلا.

ليست هناك تعليقات :