السبت، 18 مايو 2013

الجهاد ضد التشيع


‏‎Abbass Braham‎‏
الجهاد ضد التشيع
---------------------
في إطار "الجهاد" ضد "الروافض" وغيرها من الأنشطة القروسطية التي تُذبح فيها التنمية ويُسلخ فيها العقل وتؤجج فيها الهامات العصبوية، قام الخليج السني بضخ أموال إلى الثغور لمحاربة التشيع. وفي هذه الأيام انتشرت كالطحالب مؤتمرات محاربة التشيع وتمت استعادة الصفات القدحية والجاهلة للصفوية. وفي موريتانيا تم جمع "الهيئات الخيرية" الممولة خليجيا في هذا المشروع. وحتى لصوص... الفواتير المنفوخة والدعاة الوهميون- الذين نعرفهم جميعا- الذين نشروا الإسلام في الوثنيين الأفارقة (وكله كذب في كذب)، هؤلاء الأفاقون شوهدوا في مؤتمرات مكافحة التشيع متأبطين حقائبهم الجلدية التي بنوا فيها ممالك إسلامية من الورق.

في مؤتمرات مكافحة االتشيع لم يتم تقديم حجج تيولوجية، أحرى عقلانية، ضد التشيع. بل تم تقديم الحجة السياسية التافهة أن الشيعة يقتلون السنة في سوريا!! وأنا لي أصدقاء شيعة، إماميين وزيديين، في موريتانيا والمغرب وقد تحمسوا بشكل لا يمكن وصفه للربيع العربي. وهم يكرهون بشار الأسد تماما كما يكرهون عدنان العرعور. ويمكنني تخيل ابتساماتهم أمام الهجوم على قناعاتهم الدينية بسبب لاحق عليها بعشرين عاما. إنه عصر العودة الثانية لابن تيمية.

ولكن المشكلة ليست أن "الشيعة" يقتلون المسلمين في سوريا، بل أيضا أن بعض أهل "السنة" والغ في دما السوريين. تقرير الفاينانشال تايمز الذي صدر أمس هو وثيقة مهمة. لقد مولت قطر الجماعات القتالية والسياسية في سوريا بثلاثة مليارات دولار!! وتقريبا ذهب مليار دولار إلى اللواءات المقاتلة: "أحفاد الرسول"، "الفرقان"، "التوحيد"، وما هو أكثر مفاجأة هو أن بعض التمويل وصل إلى "جبهة النصرة"، التي هي عمليا أكبر جماعة إرهابية قاعدية في العالم حاليا.

لقد شحنت قطر أكثر من سبعين طلعة جوية من السلاح الذي اشترته من دول أوروبا الشرقية وحطته في تركيا حيث قامت مخابراتها والمخابرات التركية في أنقرة وأسطنبول بتوزيعه على الألوية المحاربة. وتريد قناة الجزيرة أن تقنع لعالم أن مليار دولار من السلاح لم يقتل بريئا واحدا. هذا عصر أساطير "الرصاصات الذكية"ن وكأننا في فيلم "الماتريكس". بل لا تشير الجزيرة إلى مصادر التسليح إلا باعتبارها أسلحة غنمها مقاتلون ورعون من جيش سوريا، وليس بصناعة جيوسياسية لا مثيل لها في تاريخ المنطقة إلا في عصر الحرب الأفغانية. الحقيقة أن هذه الألوية مليئة بالوحوش وأكلة لحوم البشر والطائفيين الذين- مثلهم مثل جيش الأسد- قاموا بمذابح طائفية وشرّدوا قرى على أساس طائفي محض.

المشكلة أيضا أن التمويل القطري أصبح ثانويا مقارنة بالتمويل والتنظيم السعودي. أي أن السعودية ضخت في سوريا من الأسلحة ما هو أكثر من مليار دولار. وهذا دون أن ننسى المتعصبين الطائفيين في العراق والمانحين الخاصين الذي يمولون "جبهة النصرة" وخصوصا بعد أن حرمت أمريكا على قطر تمويلها.

إن ما يحدث في سوريا ليس حجة تيولوجية ضد التشيع. الأمر يستلزم باحثين، وليس متمولين لا يعرف عن ماضيهم إلا التعلق بأذيال الإبل في صحاري موريتانيا. ويجب احترام الاختلاف الطائفي والفكري في صميم الإسلام. وتحديدا، يجب الحذر من الولوغ في دماء الناس. تلك فتنة نجى الله منها أسيافكم- يا ظلامية- فنجوا منها ألسنتكم، ولن تستطيعوا ولو حرصتم.

ليست هناك تعليقات :