الخميس، 11 أبريل 2013


‏‎Mezid Chekh‎‏
لقد عانى شعبنا المسكين من ويلات عدم الاستقرار السياسي منذ سنوات وسنوات: عاش الانتفاضات الجامحة، والمسيرات الصاخبة، والمظاهرات الغاضبة، والإعدامات المعلنة، والإغتيالات السرية، والاعتقالات التعسفية، والأحداث العرقية، والتعذيب، والصعق، والثبور، والعويل.

كل ذلك من أجل كينونة تبدو كالعنقاء في ظل جبروت من يـُـراد لهم أن يكونوا حماة دساتيرنا، رعاة حرياتنا، الذابين عن سيادتنا.

وكم هو غريب في عالم مفتوح أن لا يأخذ هؤلاء أي درس من التجارب المرة؛ فالتنمية بدون استثمارات مستحيلة، والاستثمارات تخاف عدم الاستقرار منذ الأزل، والاستقرار شرطه الأساسي عقد توافقي سياسي واجتماعي مقدس، يكون على الظالم سيفا، وللمظلوم منجاة، وفي المخاصمات حكما، وفي الأزمات مرجعية. إنه الدستور: تلك الكلمة السواء.

وغريب أيضا أن ضراغمنا البواسل لم يفهموا أن الانقلاب العسكري الأول جرّ إلى انقلاب عسكري، أدى بدوره إلى انقلاب عسكري، انجذب إليه انقلاب عسكري آخر، كان مدعاة لانقلاب تال، تلاه انقلاب تابع، تبعه انقلاب جارف، فانقلاب ملثم بديمقراطية عرجاء. وبين الانقلاب والانقلاب ثمة عشرات الانقلابات الفاشلة، والصامتة، والجنينية، والخادعة، والكاذبة. دوامة لا تنتهي إلا لتبدأ.

وعلى فتات فوضويتها تولد وتتكاثر ديدان خروقات حقوق الإنسان، وشروخ اللحمة الثقافية العرقية، وعراقيل التسيب، ومتاريس الرشوة، ومشانق القبلية. وفي وضع كهذا لا يمكن للقضاء أن يكون الرحمة المنشودة، بل يظل جمرتنا الخبيثة، لأنه أداة خيزران في يد حكام ظالمين مسكونين بجنون العظمة، وهواية الاستمتاع بمحاباة القوالب الفئوية التقليدية الجامدة.

محمد فال ولد سيدي ميلة

ليست هناك تعليقات :