الأحد، 3 أغسطس 2014

Abbass Braham الرصاصة الصديقة (الجزء الثاني)

الرصاصة الصديقة (الجزء الثاني)
-----------------------------------

لا يكون لنا في حادثة الرصاصة النواكشوطية (مرة أخرى!) إلا ما يكون من ملاحظة ومناصحة، فنرى أنه:

1-في غياب "السيّاسة" ستكون قصص القصور والدثور هي "سيّاسة" الشعب وأحاديثه العامة ومواد تندره وأنسه. تأتي قصص الرصاص الصديقة بمائة ألف قارئ؛ لا تأتي البيانات الحزبية بمائة قارئ. اللاسياسة هي بديل السياسة.

2-جُمع التكتم والتواطئ في ذهن الحريم السياسي فما صلصلت رصاصة إلاّ وتكتم عليها وطبّع وتفّهَ من شأنها حتىّ جعلها إمتاعاً ومؤانسة وُمدارةً ومُداجاة بدل أن تكون كيداً وعمداً ومُلابسة ومُكابسة.

3-القصر الرئاسي، الذي يحبّذ إسكات الإرجاف بإسقاط الحقوق العدلية كما فعل في الرصاصة الصديقة رقم 1، ينتهي إلى أن يُصبح شريكاً في الجريمة.

4-يحب السؤال عن وضعية الأمن في الضواحي وفي القصر الرئاسي. ويجب فتح نقاش عن التسلّح في البلد. وما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات في منع تسلّح المراهقين؟ وما هو دور رجال الأمن في التسليح اللاشرعي؟ إن عشرات المواطنين يهلكون دورياً بسبب السلاح اللاشرعي وطيش المراهقين، ولكن وصول هذا الطيش إلى أعلى مراتب السلطة فرصة لنقاش وطني.

5- في نفس الوقت الذي يجب فيه أن تلعب المعارضة دورها في الحث على الكشف عن الحقيقة والمتابعة القضائية، إلا أن أي حراك سياسي يُفهم فيه، ولو خطأً، تشفياً سيكون وخيماً.

6- في التراجيديات العامة لا ينفع خطابات "كما تُدين تُدان" و"كما تُرَّصِّصُ ترَّصَّصُ" و" من قام بالسيف هلك بالسيف"، ليس لأنها غير صحيحة منطقياً أو حتى أخلاقياً، بل إن وظيفتها وقت المأساة هي وظيفة تَشَفِيّة وعُدوانية لا عدلية أو إجرائية.

7- أصبح خطاب "التازبة" و"قتال الملائكة" الآن منهجاً رسمياً للتحليل في أوساط هواة الإعلام ودراويش السياسة وغلمان الميتافيزيقا. يحدثُ هذا عند دخول السياسة والتحليل برصيد تعليمي من حكايا الجدات وأساطير المتفيقهين.

8- بتبسيط وتطبيع وتنويع قصص الرصاص الصديق أو الطائش (حسب الرواية) ينتهي المنافحون عن السلطة من دهاقنة الإعلام وبيادقه إلى اختلاف عشرات قطع الأخبار مما يُعطي انطباعاً أن هنالك جهداً رسمياً للتعتيم مما يُفسد خطتهم بإنقاذ القصر الرئاسي، فيُوّرطونه.

9- جزء من الوجه الآخر لقصص التشفي والرغبة في إيذاء الجنرال بالتشفي في ابنه هو الرغبة الشعبوية التراثية في ابتلاء القصر الرئاسي/الملكي بالبوم لأنه لا نصيب للمتشفي في الدولة. هذه قصص معروفة من التراث الإسلامي.

ليست هناك تعليقات :