السبت، 27 يونيو 2015

حسن احريمو مــعـــرض الــفـــضــائــح يـــومـــيــــــات مُــفْـــطـِـــــرٍ ســـري *

مــعـــرض الــفـــضــائــح
يـــومـــيــــــات مُــفْـــطـِـــــرٍ ســـري *
رمضان هذا الشهر العظيم، شهر الكرم والتسامح عند الصائمين، هو نفسه شهر الجوع و الإقصاء عند المفطرين. التقرب إلى الله ينقلب عندنا نحن معشر المفطرين إلى شهر الابتعاد والاختباء من عباد الله.
السرية
هذا ما أشعر به
كل رمضان وأنا أمارس سريتي في الاقتيات، يبدأ نهاري كسائر الكائنات الزاحفة بالاستيقاظ صباحاً لأتوجه إلى مقر العمل لتبدأ مغامرة أفكار رمضان والناس صيام. العقبة الأولى هي وجبة الفطور، الحل هو السرية التامة، أسرق بعض التمرات من مطبخ السيدة الوالدة، وأتوجه إلى المرحاض أبتلعها وأحتفظ بالنواة في جيبي ماحياً بذلك كل آثار الجريمة.. بعض جرعات من الماء.. ثم أرمي بنفسي إلى الشارع.
قهوة وسيجارة
لا معنى لصباح دون فنجان قهوة وسيجارة، أحيانا أتساءل.. ماذا يؤذي المُجمعين على الصيام لو أني جلست أمارس طقوسي الصباحية في أحد مقاهي الحي؟ أحياناً لا أفهم كيف لجماعة من الشباب أوسعوا رجلاً ضرباً لأنه رشف جرعة ماء أمام الملأ قبل أن يكتشفوا أنه مصاب بمرض السكري، فأصبحوا على ما فعلوا نادمين.. بالمغرب كل شيء مباح إلا عدم صيام رمضان، فكل من يحمل إحساساً بالذنب اتجاه الله يصبح عند حلول رمضان أول المحافظين على الأركان الخمسة وبعد مروره عوداً على بدء.
العمل برمضان يتحول إلى مأتم وكأن الطعام والشراب شخص عزيز تم فصله بالقوة عن الصائمين، لا زلت لم أدخن سيجارتي بعد، تتراقص الكلمات والصور والأرقام على شاشتي، أشعر وكأني محكوم بالإعدام لم يرد أحد أن يصدق براءته. أنتظر الظهيرة لأنسحب خلسة أنا وزميل لي يسكن وحيداً قرب مقر العمل، لنمارس حريتنا في أن نكون ما نحن عليه. زميلي أكثر عصبية مني في مثل هذه المواقف.
ينفث دخان السيجارة بعصبية ويردد: بلاد (...) هذه.. ويسترسل مستهزئاً، إن فطرت أمام الملأ يحاكمونك بزعزعة عقيدة مسلم، هل هم ضعفاء إلى هذه الدرجة المسلمون كي نزعزع عقيدتهم؟ ثم ما معنى أن تصوم بدون أن تصلي.. دينياً لا معنى لذلك.. هم يفرضون علينا ثقافة ابتدعوها وما لها بالمنطق الديني علاقة. يومياً أنصت إلى هذا الشريط المتكرر من صديقي الذي تنقص حدته كلما ازداد عدد السجائر المدخنة.
أجمل ما في اليوم الرمضاني بالنسبة للمفطرين، أو على الأقل بالنسبة لأمثالي من محبي التسكع هو قرب آذان صلاة المغرب.. تتحول المدينة إلى أشباح ويحلو فيها المشي والتأمل.. يدخل الصائمون إلى بيوتهم ليقوم بنفس الشيء، الكل في اللحظة نفسها يقوم بعملية واحدة، يرفع يده اتجاه فمه، يفتح فمه ويبلع، في هذه اللحظة بالذات يحلو لي أن أتوجه إلى المقهى وأتأمل الفراغ.
رمضان كريم
أذكر يوماً جلست في مقهى في لحظة الأذان، طلبت من النادل قهوة سوداء، ففاجأني بحفنة من التمر وكأس حليب وخبز وجبن وعصير والمشروب الرمضاني الرسمي المغربي «الحريرة»! قلت مستغرباً، لم أطلب سوى فنجان قهوة، ابتسم وكأنه يدعوني إلى ألا أخجل من نفسي متسائلاً: كيف يمكن أن تفطر على قهوة سوداء، ثم إنه بدون مقابل يا بني، رمضان كريم -قالها مبتسماً- .. يا سيدي لست صائماً و لا أريد سوى قهوة سوداء! كنت أود أن أصرخ في وجهه، ولكن ما كان علي أن أكون جحوداً أو أن أثير الشبهات، فأكلت ما قدمه لي تحت مراقبته الصارمة! وأنا أتهكم على نفسي.. حين تود الأكل لا يمكنك فعل ذلك، وحين لا تود تأكل مكرهاً خائفاً من أن ينفضح أمرك.. بركاتك يا رمضان.
----------
*هذه المادة لم أستسغ نقلها من مصدرها هنا برابطها لأن فيها عبارات غير مستساغة دينياً. ولذلك نشرتها كـ"حالة" بعد التصرف، وأود التنبيه إلى أنها ليست لي، وإنما هي منقولة ويبدو أنها لكاتب مغربي على الأرجح، نسأل الله له الهداية

ليست هناك تعليقات :