الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

Mohamed Echinguiti نقيَّةَ القلبِ تمشي كلَّ مساء من بيتها للمحظرة القريبة



نقيَّةَ القلبِ تمشي كلَّ مساء من بيتها للمحظرة القريبة، فرْدةً إلا من زوجيْ الطُّهر والبراءة اللذيْن يتلبَّسانِها، خاليةً إلا من التفكير في الآيات التي كتبتْها بالأمس هل لا تزال تحفظها ؟ وحيدةً إلا من دعوات أمها التي ترافقها أينما ذهبتْ .. رغم خُلوِّ الشارع من المارَّة إلا أنها لم
تتوجَّسْ، لم تخفْ، ظنَّتْ أنَّ هذا العالَمَ بريء كما هي ! كانت كهابيل الذي اعتقد بأنَّ قابيل لن يُقْدمَ أبدا على ارتكاب جريمة قتل رغم تهديده وتوعُّده بذلك، كانت تظنُّ أنَّ أسوأ المجتمع المسلم الذي تعيش وسَطه لن يكون عنترة الجاهلي أحسن منه إذ يقول :
وأَغضُّ طرْفي ما بدتْ لي جارَتي @ حتى يُوَّارِي جارتي مأْواها
إنِّي امرؤٌ سمِحُ الخليقة ماجدٌ @ لا أُتْبعُ النفسَ اللجوجَ هواها
فجأةً انبعثَ أشْقى القوم فاعترض طريقها وانتصبَ أمامها طويلَ القامة، مفْتولَ العضلات، ضخْم الجثَّة، تعْرفُ في وجهه المُنكرَ.. ارتعبتْ المسكينة، تسارعتْ نبضاتُ قلبها الصغير الذي لا يحتمل، قالتْ : إنِّي أعوذ بالرحمن منكَ إن كنتَ تقيًّا ! لكنَّ الخبيثَ لم يكن تقيا ولا من النوع الذي تؤثِّرُ فيه المواعظ ! دون أن يردَّ عليها جرَّها بثيابها وأسقطها أرضا، نادى رُفقاءَ سوءه بأنْ هلمُّوا إلى الغنيمة فتجاوبوا مُسرعين..
مُحاطةً بهم لم تدْرِ المسكينةُ ما تفعل، صرختْ بأعلى صوتها فجاوبها الصَّدى، ضربتْ بيديها الصغيرتين بكامل قوتها فكانت كأنما تضرب حجرا سواءً الضاربُ فيه والمضروب به، نادتْ المعتصمَ ناسيةً أنه توفي منذ زمن دون أن يُخلِّفَ !
صرختْ في الأوغاد كآخر محاولة، خاطبتْ فيهم إنسانيةً معْدومة، قالت : بربِّكم دعوني وشأني، لماذا ستؤذونني ؟ أيَّ ذنبٍ اقترفتُ بحقِّكم ! .. عبثا حاولتْ بكلماتها إحياءَ الضمير الميِّتِ فيهم، فشلتْ في مُلامسة عرْقٍ واحد من الشفقة والرحمة في قلوبهم !
في الأخير خارتْ قواها الخائرة أصلا، تضاءل صوتُها وضعُف، غابتْ عن الوعي في آخر القصة الحزينة..
الأوغاد لم يرحموا ضعْفها ولا صِغرَ سنِّها.. بعد أن هتكوا عُذريَّتها واغتصبوا طفولتها عمَدوا إلى إحراق جسدها بالنار ليُضيفوا وِزرا آخرَ إلى أوزارهم السابقة.. صعدتْ روحُ ‫#‏زينب‬ للسماء وهي تَلْعن قاتليها وتتوعدهم بعدالة الآخرة إذا فشلتْ عدالةُ الدنيا في القبض عليهم ومُحاسبتهم !
أَ أبا الفوارس وجهُ زيْنبَ شاحبٌ = وأمام خيْمتها حبائلُ مجرم
أ أبا الفوارس صوتُ زينبَ لم يزلْ = فينا ينادي: ويْك عنترُ أقْدم
ترْنو إليك الخيل وهي حبيسة = تشكو إليك بعبرة وتحمْحُم
هلاّ غسلتَ السيف من صدأ الثرى=وعزفت في الميدان ركض الأدهم
هلاّ أثرت النقعَ حتى ينجلي = عن قبح وجه الخائن المتلثِّم
وأرحْتنا من كل صاحب زلَّة = يوحي إليك بقصَّة ابنيْ ضمْضم

ليست هناك تعليقات :